تحتضن العاصمة الأفغانية اليوم ندوة دولية حول مستقبل أفغانستان هي الأكبر من نوعها تحاول من خلالها الحكومة الأفغانية وباقي الدول المانحة إيجاد مخرج للوضع المتردي في بلد تشابكت خيوطه وتعقدت أوضاعه على جميع الأصعدة.ويشارك في هذه الندوة ممثلو60 بلدا مانحا يترأسها الرئيس الأفغاني حامد كرزاي والأمين العام الأممي بان كي مون ويحضرها عديد المسؤولين الغربيين وفي مقدمتهم وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون التي وصلت أمس إلى العاصمة كابول للقاء المسؤولين الأفغان قبل انطلاق أشغال الندوة. ولأنها وصفت بأكبر لقاء دولي لم يسبق أن احتضنته العاصمة كابول، فإن القوات الأفغانية عززت من إجراءاتها الأمنية وكلفت أكثر من 15 ألف من رجال الشرطة بتأمين أول مؤتمر دولي يحتضنه بلد دمرته حروب متلاحقة. وقامت السلطات الأفغانية بإغلاق الطرق والشوارع المؤدية إلى قصر الرئاسة ومنعت دخول الراجلين إلى وزارة الخارجية والمباني الدبلوماسية إلى جانب إعلان السلطات يومي الاثنين والثلاثاء عطلة في العاصمة. وبالإضافة إلى ذلك قام أفراد وكالات تطبيق القانون بما في ذلك وحدات القوات بقيادة حلف الشمال الأطلسي بزيادة الدوريات في شوارع مدينة كابول كما تم نشر تعزيزات الشرطة ووحدات الجيش الأفغاني فوق التلال والمباني الحكومية والمناطق الحساسة لتعزيز إجراءات الأمن والتعامل مع أية احتمالات. ويسعى المشرفون على اللقاء لأن يكون بمثابة المفتاح لدخول أفغانستان الذي يعيش على وقع حرب معلنة بين القوات الدولية ومقاتلي طالبان مرحلة جديدة عبر تقوية مؤسسات الحكومة الأفغانية وتهيئتها لقيادة البلاد بمفردها ومحاربة المسلحين الإسلاميين بعد رحيل القوات الدولية. وفي هذا السياق كشف دبلوماسيون غربيون أن على الرئيس كرزاي أن يقدم خلال هذه الندوة برنامجا واضحا لتقوية الجيش وأجهزة الأمن الأفغانية لمعرفة مدى استعداد هذه القوات لتسلم مهامها الأمنية بعد انسحاب نظيراتها الأجنبية مع نهاية عام .2014 وقال منظم الندوة والمرشح السابق للرئاسيات الأفغانية أشرف غاني إن ''للقاء هدفين رئيسيين الأول يبقى البرهنة لكل العالم أن الإرادة السياسية الأفغانية يمكن أن تترجم إلى أفعال ملموسة، والثاني هو المطالبة بتوزيع جديد للمساعدات الدولية من أجل أن نتمكن من بلوغ أهدافنا المشتركة في رؤية أفغانستان مستقر وثابت وديمقراطي" . ولبلوغ هذين الهدفين فإن المسؤولين الأفغان وفي مقدمتهم الرئيس كرزاي مطالبين بتقديم اقتراحاتهم وتصوراتهم لتحسين أداء الحكومة المركزية في كابول والبرامج والخطط المعدة من أجل إحداث تنمية اقتصادية واجتماعية وتحسين قطاع العدالة وتطوير مجال حقوق الإنسان والاستخدام الجيد للمساعدات الدولية. وهي كلها مجالات تعاني من تدهور وفوضى عارمة زادها تأزما استفحال الفساد في مختلف مؤسسات الدولة وتنامي موجة العنف بعودة حركة طالبان لتنفيذ هجماتها المسلحة وعملياتها الانتحارية ضد القوات الأفغانية والأجنبية. وهو الأمر الذي دفع بوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون عشية عقد الندوة إلى إلقاء المسؤولية على الحكومة الأفغانية التي طالبتها بضرورة تحقيق تقدم في برنامج المصالحة من خلال التفاوض مع من يوصفون بالمعتدلين في حركة طالبان لإقناعهم بالعدول عن لغة السلاح والانضمام إلى صفوف المجتمع المدني. وقالت كلينتون في تصريح شديد اللهجة ''إننا ننصح بقوة أصدقائنا الأفغان بالتفاوض مع أولئك المستعدين للعمل سلميا من أجل مستقبل مزدهر". والمؤكد أن رئيسة الدبلوماسية الأمريكية ما كانت لتلح على مثل هذا الطلب لو لم تستشعر خطورة حركة طالبان التي لم تتمكن ترسانة دولية بتعداد 143 ألف جندي مجهزين بأحدث التقنيات وعلى مدار تسع سنوات كاملة من غزو أفغانستان من كسر شوكتها عشر سنوات منذ الإطاحة بها.