تحولت الملاسنات الدبلوماسية التي طبعت الوضع بعد إعلان إقليم كوسوفو استقلاله عن صربيا إلى تهديدات علنية بامكانية اللجوء إلى القوة العسكرية في حال تطورت الأوضاع باتجاه الأسوإ·وانزلق الوضع في صربيا وامتد الى شمال دولة كوسوفو حيث توجد اقلية صربية وتحول الى مواجهات دامية بين القوات الصربية والمتظاهرين الرافضين لقرار الاستقلال نهاية الاسبوع ضمن مؤشرات بتعفن الوضع بعد أن تم اقتحام مقر السفارة الأمريكية في بلغراد وإضرام النار فيها· وشكل هذا الحادث قمة درجة التوتر في تداعيات قرار برلمان إقليم كوسوفو الاستقلال ودفع بالولايات المتحدة الى التنديد بتلك الأعمال التي انتهكت سيادتها داخل ممثليتها الدبلوماسية· وكان نهار الخميس ساخنا بالعاصمة الصربية بلغراد عندما تجمع أكثر من 100 ألف متظاهر ضد استقلال كوسوفو وتم شحنهم بخطابات نارية من طرف قيادات الأحزاب القومية المتطرفة وكان ذلك كافيا ليتدفق آلاف الصرب على مقر السفارة الأمريكية التي اقتحموها واشعلوا النار في محتوياتها وأدى ذلك إلى تفحم شخص بداخلها لم تعرف هويته الى حد الآن· ولم تتمكن قوات الأمن الصربية من إحتواء آلاف المتظاهرين الذين دخلوا في عمليات كر وفر رشق خلالها الثائرون على قرار الاستقلال بالحجارة والهروات· وأمام هذا الإنزلاق وجدت الدول الغربية نفسها في موقع المدافع على هذا القرار الذي رعته طيلة أشهر وسارعت الى مساندته والاعتراف بالدولة الفتية ضد إرادة صربيا المدعومة بالدولة الروسية·ولكن صبر الدول الأوروبية والولايات المتحدة نفد أمس بعدما تحولت مقرات سفاراتها الى أهداف محتملة للمتظاهرين بعد أن حملوها مسؤولية اقتطاع أرض يعتقدون أنها أرض صربية واستقلالها يعني أن سيادة دولتهم قد انتهكت· ولكن الوزير الأول الصربي يوجيسلاف كوتنيتشا استنكر أعمال العنف وقال أنها تضر بجهود صربيا المعارضة لاستقلال كوسوفو، وقال الوزير الأول الصربي أن هذه الأعمال تخدم الداعين الى قيام هذه الدولة· ورغم أن كوستينتشا يبقى من أكبر المعارضين لاستقلال إقليم كوسوفو إلا أنه اضطر تحت الضغط الدولي إلى الإدلاء بهذه التصريحات بعد أن هدد الاتحاد الأروبي بلغراد بإعادة النظر في الشراكة القائمة بينهما في حال تكرار أحداث نهار الخميس· ولم يخف المسؤول السامي للسياسة الخارجية للإتحاد الأوروبي خافيير سولانا امكانية اللجوء الى ورقة الشراكة بين الجانبين لمنع تكرار المظاهرات التي جعلت موظفي سفارات الدول الغربية في بلغراد يعيشون رعبا حقيقيا مخافة تعرضهم لأعمال انتقامية· وهو الشعور الذي دفع بالولايات المتحدة إلى إغلاق قنصليتها في مدينة بانيا لوكا عاصمة صرب البوسنة وقال شارل انغليش السفير الأمريكي في البوسنة أنه اتخذ القرار لتفادي تكرار ما تعرضت له سفارة بلاده بالعاصمة الصربية ليلة الخميس الى الجمعة· ولم يكن لأحداث العاصمة بلغراد أن تبقى في إطار العلاقة المتوترة بين صربيا والدول الغربية وتعداه الى روسيا التي وجدت نفسها في قلب الدوامة بحكم علاقاتها الاستراتيجية مع بلغراد وموقفها المعارض من استقلال كوسوفو· وأكدت موسكو أمس ان تبعات الأحداث الجارية تتحملها الدول الغربية التي أيدت استقلال كوسوفو·ولم يكتف ديمتري روغوزين ممثل روسيا في الحلف الأطلسي بذلك فقط بل ذهب الى حد التأكيد أن بلاده يمكن أن تلجأ الى استعمال القوة في حال تحدي الدول الأوروبية هيئة الأممالمتحدة بخصوص قضية كوسوفو· وقال روغوزين أنه في حال اصرار الإتحاد الأوروبي في مسعاه أو أن يتجاوز الحلف الأطلسي لصلاحياته في كوسوفو فإننا سنكون مضطرين للجوء الى الوسائل العنيفة ودعوة قوة مسلحة حتى يتم احترامنا·ولم تتوقف تداعيات قرار إعلان الاستقلال عند هذا الحد بل أدت الى حالة من الغليان والتوتر العرقي في كل منطقة البلقان قد يؤدي الى إنفلات الوضع والعودة إلى نقطة الصفر التي ميزت المنطقة سنة 1990· وفي ظل هذه الوضعية فقد هدد صرب البوسنة بإعلان الاستقلال من جانب واحد والانفصال عن جمهورية البوسنة في حال اعترفت الأممالمتحدة ودول الإتحاد الأوروبي باستقلال كوسوفو·