يسعى المسرح الجهوي ''كاتب ياسين'' لتيزي وزو منذ إنشائه، إلى منح فضاءات للإبداع وفرص لاكتشاف المواهب المسرحية ودعمها، فاختلفت المواضيع التي تناولها وتعدّد المخرجون الذين تعاملوا معه، ولكن الإبداع قائم في كلّ عمل مسرحي يقدّم للجمهور، ويؤكّد القائمون على ''كاتب ياسين''، أنّهم حريصون على دعم الإبداع الجزائري والمبدعين من خلال فتح باب الإنتاج والمشاركة من أجل الرقي بالثقافة والموروث الجزائري. هذا الهدف يحاول المسرح الجهوي ''كتب ياسين'' أن يحقّقه بخطى ثابتة، إذ ما انفكّ يقدّم لمحبي الفن الرابع الجديد من الأعمال والتجارب للكبار والصغار، من ''سي برتوف''، ''سبيطار في معسكر''، ''أنشودة العصافير''، مرورا ب''اللولب''، ''دعاء الحمام''، وصولا إلى ''بزنس إز بزنس'' و''سينيستري''، علاوة على ''سوبر مير'' و''الخامسة''، وحاول مسرح تيزي وزو أن يتقاسم أعماله هذه مع هواة أب الفنون في مختلف أصقاع الوطن، شمالا وجنوبا، شرقا وغربا. وفي هذا الصدد، وإحياء لسهرات الشهر الفضيل ارتأى المسرح الجهوي لتيزي وزو أن ينظّم قافلة مسرحية للعملين المسرحيين ''سوبر مير'' و''الخامسة''، حيث سيحطان الرحال في أكثر من عشرين ولاية غربا وشرقا، والانطلاقة ستكون من ولاية تيارت، تيسمسيلت، غليزان ومعسكر، وصولا إلى ميلة، قالمة وسوق أهراس، وستدوم هذه العروض التي تنطلق في الثاني عشر أوت الجاري إلى غاية الثامن سبتمبر المقبل. وتصوّر مسرحية ''سوبر مير'' في قالب كوميدي صراعا خلال الحملة الانتخابية بين سي عمار وسي بوسنة اللذين يريدان الظفر برئاسة البلدية مهما كان الثمن وبشتى الطرق الممكنة ولا تهم النتائج، المهم أن يصبح ميرا، وكما يقال ''تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن''، وتضع ''سوبر مير'' تحت المجهر موضوع المنافسة في قالب كوميدي هادف من أجل التمعّن واستخلاص العبر، فمن خلال قصة ''خديجة وسمير'' تتفوّق المشاعر النبيلة والحب على حبّ الذات والأنانية وحبّ السلطة. المسرحية التي اقتبسها عبد الحميد رابية عن نص لفيكتور إفتيميو، تحت إشراف فني لفوزية آيت الحاج وإخراج عبد العزيز قردة، سيجسّد شخوصها كوكبة من خيرة المسرحيين الجزائريين على غرار عمر قندوز (سي عمار)، عبد الكريم بن خلف الله (سي بوسنة)، إلى جانب أمين بوترفاس (الشاب)، سعيدة زيتوني (الزوجة عيشة)، علي تامرت (سمير) ومحفوظ بركان (خديجة ابنة سي عمار). وللإشارة، فإنّ مخرج هذا العمل الفنان المسرحي والسينمائي عبد العزيز قردة من أبناء الخشبة، شارك في العديد من الأعمال، حيث بدأ المسيرة في ستينيات القرن الماضي، وترك بصمته في عدد من الاعمال على غرار ''الجثة المطوّقة'' لكاتب ياسين، ''جحا باع حمارو'' لنبيل بدران، ''باب الفتوح'' لألفرد فرج، ''العلق'' لعبد القادر علولة، ''دم الأحرار'' لبوعلام رايس، ''عفريت وهفوه'' لامحمد بن قطاف، ''عقد الجوهر''، ''غبرة الفهامة'' لكاتب ياسين، ''زعيط معيط ونقاز الحيط'' لمحمد التوري، ''بيت برناردا ألبا'' و''مير وربي كبير''، وتعدّ هذه المسرحية التجربة الاخراجية الثانية لعبد العزيز قردة، حيث أخرج عام 2001 مسرحية ''سليمان اللوك''. أمّا مقتبس المسرحية السيد عبد الحميد رابية، فبدأ حياته الفنية في جويلية 1964 في تربص مسرحي، نظمه المسرح الوطني الجزائري مدة 06 أشهر، وفي سنة 1965 التحق بالمعهد الوطني للفنون الدرامية والكوريغرافية ببرج الكيفان، وهو من خريجي الدفعة الأولى سنة ,1970 وفي عام 1973 التحق بالمسرح الوطني الجزائري ومثّل في عدد من المسرحيات من بينها ''باب الفتوح''، ''بوحدبة'' و''بن كلبون''، وفي عام 1974 التحق بالمسرح الجهوي لعنابة وقسنطينة ومثّل في ''الطمع يفسد الطبع''، ''حسان وحسن''، ''الخطبة أويال سيدنا''. وفي سنة 1980 عاد إلى ''بيت محي الدين بشطارزي'' من جديد، ومثّل في قرابة 17 مسرحية منها: ''جحا والناس''، ''فين كنت البارح''، ''قالوا العرب قالوا''، ''عجاجبية وعجايب''، ''موت بائع متجوّل''، ''الشهداء يعودون هذا الأسبوع'' و''البوابون''، كما قام باقتباس وإعداد 15 عملا مسرحيا من الأدب العالمي منها 4 مسرحيات موجّهة للأطفال. ''الخامسة'' هو ثاني عمل سيحمله المسرح الجهوي ''كاتب ياسين'' في جولته هذه التي ستشمل 19 ولاية، وتروي حكاية خمس نساء، خمسة أقدار متصارعة ومتداخلة، في أحداث متواصلة بطلاتها يتقاربن ويتناصرن في قالب هزلي ساخر، فيعشن حالتهن في كوميديا، وشيئا فشيئا ينفصلن عن قدرهن ويحكين ويشرحن حالتهن في جوّ أرادته كاتبة ومخرجة العمل حميدة آيت الحاج فكاهيا، ويجسّد ادوار ''الخامسة'' كلّ من ياسمين عبد المؤمن، فايزة أمل، كريمة سوكري، صونيا عز الدين وامينة بلجودي. وللتذكير، فإنّ المخرجة حميدة آيت الحاج من المخرجات المسرحيات القليلات في الجزائر، سبق لها وأن أخرجت العديد من الأعمال للركح من الخزان الجزائري، وكذا العالمي، على غرار ''النهر المحوّل''، ''فاظمة'' بالأمازيغية وغيرها من الأعمال.