تعرف بلدية هراوة غياب المرافق الجوارية منذ سنوات طويلة، حيث يزداد الوضع تعقيدا بالأحياء المعزولة التي أصبحت شبيهة بالمراقد، أن تحتل المشاريع المجمدة في قطاعات التربية، الصحة، النقل والرياضة الصدارة من جملة الانشغالات المطروحة بحدة، والتي تصطدم بأزمة انعدام العقار لتجسيدها أمام عجز السلطات المحلية ومصالح دائرة الرويبة أمام هذا المشكل، وهو المطلب الذي يرفعه المواطنون بالبلدية الى والي العاصمة والجهات المعنية للتدخل العاجل لحل الأزمة نهائيا. وحسب الشكوى المقدمة من طرف سكان البلدية والعارفين بخبايا الأزمة ل''المساء''، فإن الاشكال القديم - الجديد يعود الى نشأة البلدية عام 1984 وفقا للتقسيم الإداري آنذاك والذي جعل بلدية هراوة محاطة بالاراضي الفلاحية دون امكانية الاستفادة من بعض المواقع لإدماجها ضمن النطاق العمراني، وهو ما أجل رزنامة المشاريع الجوارية الى أشعار آخر. وتعد بلدية هراوة من بين أفقر بلديات العاصمة من حيث الميزانية وتحصيل الموارد المالية في ظل انعدام قاعدة تجارية أو اقتصادية بها، مع اعتمادها بشكل رئيسي على الميزانية المخصصة من طرف ولاية الجزائر، عكس نظيرتيها بكل من الرويبة والرغاية اللتين تعتمدان أساسا على الإيرادات المالية والضريبية من النشاط التجاري والصناعي للمنطقة، بالإضافة الى بعض المشاريع الممولة من طرف الولاية، حيث تقدر ميزانيتهما بعشرة أضعاف تلك المخصصة لبلدية هراوة التي تتراوح بين 10 و12 مليار سنتيم سنويا. وبالرغم من الارتفاع المذهل للكثافة السكانية بإقليم البلدية عقب زلزال ماي ,2003 من خلال تجسيد العديد من المشاريع السكنية لإعادة إسكان المنكوبين وتطبيق برامج أخرى ضمن استراتيجية الدولة في مجال السكن، وهو ما جعلها احدى البلديات الرائدة في العاصمة باحتضانها لهذه البرامج كمشروع عدل 2002 مسكن و450 مسكنا اجتماعيا، بالإضافة الى 1430 مسكنا في طور الإنجاز والعديد من التجمعات السكانية، وما صاحبها من ارتفاع في تعداد سكانها من 13 ألف الى أكثر من 27 ألف نسمة، إلا أن هذا الواقع لم تواكبه طفرة نوعية في المشاريع الجوارية التي اقتصرت على جانب من التهيئة واعادة بعث المرافق المتعطلة منذ سنوات طويلة كدار الشباب، السوق المغطاة، المكتبة، مقر البلدية وملحقاتها، دون تجسيد أية مشاريع جديدة في مجال البناء والتعمير في ظل افتقار البلدية الى أراض قابلة للتعمير مقارنة بالاراضي الفلاحية التي تميز المنطقة من حيث تفاوت مردوديتها في الهكتار الواحد أمام الحاجة الملحة الى ادراج ما يسمى بالاراضي البور أو ذات المردودية الضعيفة ضمن النطاق العمراني، بالموازاة مع توسع البرامج التنموية والسكنية بالمنطقة، وهو ما ولد مشكل العقار الذي تعاني منه العديد من بلديات العاصمة. كما يبرز من خلال هذه المعطيات ومثلما أكدته ذات المصادر في حديثها إلينا، النقص الفادح في المرافق الجوارية، بدءا بصعوبة تجسيد مبدأ تقريب التعليم والصحة من المواطن أمام قلة الهياكل المتاحة، رغم تبني انجاز العديد من المشاريع في هذا المسعى لتصطدم في الاخير بمشكل انعدام الوعاء العقاري، حيث تنتظر أربعة مجمعات مدرسية التجسيد على مستوى الاحياء المعزولة ويتعلق الأمر بإنجاز 6 أقسام دراسية بكل من حي العربي وبرايدية، 150 مسكنا بعين الكحلة وحي أولاد معمر الذي ما يزال في انتظار تجسيد مثل هذه المشاريع، رغم انجاز بعض الدراسات التقنية قدرت تكلفتها ب 210 مليون سنتيم، حسب ما أكدته مصادر مطلعة ل ''المساء''، إضافة الى غياب عدد من المتوسطات بهذه الأحياء، بالموازاة مع انعدام ثانوية بإقليم البلدية رغم اقرار الجميع بأهمية توفير هذا المرفق للحد من معاناة التلاميذ في التنقل الى البلديات المجاورة، في الوقت الذي بقي فيه مسؤولو البلدية عاجزين عن توفير الارضية لتجسيدها أمام أزمة انعدام العقار. أما فيما يتعلق بالخدمات الصحية فتتسم بالنقص، حسب الشكوى المقدمة من طرف سكان بلدية هراوة، في ظل وجود عيادة متعددة الخدمات وقاعتين للعلاج، في انتظار تجسيد مراكز صحية جوارية أخرى بالأحياء المعزولة بصفة خاصة من طرف الجهات الوصية، والتي يرتبط مصيرها بالعقار أيضا... كما تمتد هذه الظاهرة السلبية الى قطاع النقل، في ظل انعدام محطة نقل المسافرين والاعتماد على أرضية تفتقر إلى التهيئة والتنظيم أمام عدم القدرة على القيام بأية اشغال اخرى، كون الأرضية الحالية غير خاضعة لتسيير البلدية لنفس الاشكال المطروح، الذي يعرقل بدوره تطور الرياضة بالمنطقة رغم برمجة انجاز شبه قاعة للرياضة بحي معمرية وملاعب جوارية بأحياء أخرى، بالاضافة الى تعطل العديد من المشاريع في قطاعات خدماتية أخرى ببلدية يفوق عدد سكانها 27 ألف نسمة. وتجدر الإشارة الى أن الميزانية المحلية لسنة 2010 والمقدرة ب 10 ملايير سنتيم حسب مقرر الميزانية الذي تحصلت ''المساء'' على نسخة منه، تضم 12 مشروعا تتعلق بالتهيئة أغلبها في قطاع الري الذي يشمل تحديث قنوات الصرف الصحي والتطهير، اضافة الى التهيئة الخارجية للمكتبة وملعب عين الكحلة، في حين تمت برمجة مشروع وحيد لإنجاز محشر بلدي للسيارات بحي معمرية لتوفير موارد مالية لخزينة البلدية، لتبقى أزمة العقار تشل التنمية المحلية، وهو ما يستدعي تدخل السلطات الوصية للحيلولة دون تفاقم الوضع.