يشد الإيفواريون أنفاسهم اليوم بكثير من الخوف بعد الدعوة التي وجهها الحسن وتارا المرشح الفائز بالانتخابات الرئاسية لأنصاره باقتحام الشارع والتوجه إلى مقر التلفزيون ومقر الحكومة في أول خطوة لفرض نتائج الانتخابات على الرئيس المنتهية عهدته لوران غباغبو الذي أصر على البقاء في السلطة.وتزداد المخاوف من وقوع حمام دم بين المتظاهرين وقوات الأمن الموالية للرئيس غباغبو والتي سارع إلى نشرها في العاصمة أبيدجان تحسبا لأي طارئ. وبدأت مؤشرات هذا الاحتقان الأمني في حي ابوبو الذي اتخذه الرئيس وتارا معقلا لفريقه الحكومي ومسارعة الرئيس غباغبو الى نشر تعزيزات أمنية في مفترقات شوارعه لمنع انطلاق مسيرة غريمه باتجاه مقر الحكومة وإجهاضها في مهدها. وقرر وتارا بعد قرابة أسبوعين من الترقب وتحسس الوضع، التحرك والبدء في فرض سلطته التي أكدتها اللجنة المستقلة للانتخابات واستغلالا للتأييد الذي حظي به من طرف الدول الكبرى وكل المنظمات الإقليمية والدولية. ويبدو أن الوضع في العاصمة الايفوارية أصبح أشبه بلعبة القط والفأر لا يريد كل طرف فيها أن يظهر بمظهر الحلقة الأضعف في قبضة ميلها لأحد الطرفين يعني بالضرورة ميل كفة السلطة لصالح الآخر. وهي القناعة التي تكرست لدى أنصار كل طرف مما يزيد من مخاطر اندلاع مواجهات دامية بينهم . وتكون مخاوف لوران غباغبو من قوة رد فعل غريمه وهو لم يتمكن إلى حد الآن من بسط سلطته وبقي يراقب تحركات غريمه ومواقف الدول الكبرى هو الذي دفع به إلى تمديد حالة حظر التجوال في البلاد حتى يجد الغطاء القانوني للتصدي لأي انزلاق امني في شوارع العاصمة أبيدجان. وهي التغطية التي دفعت بقيادة الجيش الايفواري التي بقيت موالية له إلى المسارعة إلى تحميل المبعوث الخاص الاممي إلى كوت ديفوار شوا يونغ جينغ مسؤولية كل أعمال عنف قد تندلع في البلاد. وهو الموقف الذي اعتبره كثير من المتتبعين على انه في آخر ورقة وجدها جناح غباغبو للدفاع عن نفسه في ظل العزلة الدولية والإقليمية التي فرضت عليه وجعلت من هامش المناورة أمامه يضيق كلما مرت الأيام. كما ان إغلاق الطريق المؤدي إلى مقر التلفزيون والحكومة بمتاريس كبيرة وقوة من الدرك المدجج عناصرها يعد وسيلة احتياطية لجأ إليها غباغبو لمنع استيلاء خصومه على أهم وسيلة دعائية في البلاد بقناعة أن التحكم فيها يعني بصورة تلقائية انه خسر رهان البقاء في السلطة. وهو ما يفسر أيضا التعليمات الصارمة التي أعطيت لعمال التلفزيون بعدم السماح لأي من أنصار منافسه السياسي بولوج الباب الرئيسي للتلفزيون أو التحدث على أثيره. وفهم غيوم صورو الوزير الأول في عهد غباغبو والذي اختاره أيضا الرئيس وتارا ليكون وزيره الأول أهمية السيطرة على التلفزيون ودفع به إلى اتخاذ قرار اقتحام مبنى هذه الوسيلة الإعلامية وقال انه ذاهب بكل طاقمه الوزاري إلى مقرها من اجل تنصيب مدير جديد لها في خطوة أولى قبل التوجه إلى مقر الحكومة الذي مازال تحت سيطرة غباغبو. والمؤكد أن مثل هذا التحدي يحمل في طياته مخاطر كبيرة لانزلاق قد يكون أولى شرارة حرب أهلية جديدة بين أنصار الجانبين وهو ما يعني بصورة تلقائية اندلاع حرب بين شمال البلاد الذي يضم أنصار الحسن وتارا والجنوب الذي يضم أنصار غباغبو. وهو ما جعل هذه القبضة محل متابعة من القوى الكبرى وخاصة فرنسا والولايات المتحدة اللتان وقفتا إلى جانب وتارا وحتى الاتحاد الإفريقي الذي يتابع تطورات الوضع في ساحل العاج واحدة بواحدة من خلال موفده الخاص الرئيس الجنوب إفريقي السابق ثابو امبيكي. ويعتزم الاتحاد إرسال هذا الأخير ثانية إلى أبيدجان لعقد لقاء مع فرقاء هذه الأزمة التي بدأت تتفاعل بشكل قد يجعل منها أزمة إقليمية بعد نزوح آلاف الايفواريين إلى دولتي ليبيريا وغينيا المجاورتين. وإذا كان جون بينغ رئيس اللجنة الإفريقية قد اعترف أن امبيكي فشل في مهمته الأولى إلى العاصمة ابيدجان بعد أن أكد انه حقق نسبة 5 في المئة فقط من النجاح ولكنه أكد أن الاتحاد الافريقي سيواصل مساعيه من اجل إنهاء أزمة الشرعية في ابيدجان لتفادي حمام دم جديد في هذا البلد الذي فقد استقراره منذ قرابة ثماني سنوات. وتبدو مهمة الاتحاد الإفريقي مستحيلة بالنظر إلى الموقف العلني الذي اتخذه لصالح الحسن وتارا المحصن بالشرعية الانتخابية ولوران غباغبو المحصن بقوات الأمن المختلفة التي مازالت وفية له إلا في حال حصول تطورات لوقوع انشقاق في صفوف هذه الهيئة التي بقي موقفها محل استقطاب من الجانبين المتصارعين.