تختتم اليوم بمركز التسلية العلمية بشارع ديدوش مراد بالعاصمة، فعاليات المعرض التشكيلي للفنان محمد جوة الذي يحمل عنوان ''الرسم أداة للعلاج''. حاول الفنان من خلال هذا المعرض إعطاء الفن صبغة علاجية روحية تساعد على تفجير المكبوتات والحالات النفسية المضطربة، وضغوطات الحياة عموما، وبالتالي السماح بفسحة من الراحة والاطمئنان تماما كتلك التي يوفرها العلاج الطبي. يشير الفنان محمد إلى أن اللوحات التي تضمنها المعرض (34 لوحة) كلفته جهد سنوات عديدة، خاصة فيما يتعلق بالبحث والتأمل الدائمين. تأثر الفنان في المقام الأول بالطبيعة وبالمحيط الذي يعيش فيه، حيث حاول إسقاط بعض الظواهر على أساليب فنية معينة. كما يهوى الطبيعة لكونها تحمل كل صور الجمال والسحر والجاذبية، وتتفاعل مع الإنسان من خلال ميكانيزمات متعددة ومختلفة، و''الطبيعة - كما يصفها محمد - من روائع الخالق''. من جهة أخرى، يقف محمد عند بعض سلبيات هذه الطبيعة والمحيط، محاولا ترجمة انطباعاته وأحاسيسه إما غضبا أو بعفوية مطلقة تتحكم فيها الريشة وحدها، كما يعمل في الكثير من لوحاته على إبراز بعض روائع الطبيعة، خاصة تلك المستترة التي لا ينتبه إليها غير المتأمل لمكامن الجمال. في لحظات الرسم يتفاعل الفنان بوجدانه وبكل كيانه، مستعملا مخياله ورصيده من مختلف الانطباعات المشاهدة، وأيضا بحركاته العفوية أحيانا والمضبوطة والموجهة أحيانا أخرى. يؤكد محمد أنه عندما يرسم يوفر لنفسه فرصة رائعة لإخراجة أحاسيسه على اختلافها وتناقضاتها، كما أنه يعبر من خلاله على احتجاج أو انطباع ما، الرسم عمل فعال وسريع يتماشى والحالة التي يعيشها الفنان، أي أنه لا يتقدمها ولا يأتي متأخرا عنها. يستعمل الفنان لإنجاز أعماله خليطا من الألوان المائية والزيتية والحبر والشاي والبن ويمزج بين التقنيات الفنية المختلفة، حيث يرى محمد أن التعاطي مع موضوع أو إحساس ما يتطلب وعيا وإدراكا قصد اختيار الأطر المناسبة والإبداع الجديد الذي يعطي انطباعا عن الفن المعاصر. يصف محمد نفسه بأنه عدسة ميكروسكوب مكبرة، دائمة البحث عن التفاصيل التي تعكسها الأشكال الفنية التي تعد نتيجة البحث الدائم. سبب ميول محمد إلى المدرسة الانطباعية والتجريدية، نابعة من قناعته بأن هذين الأسلوبين هما الأقرب الى طرح مختلف المشاكل النفسية والفيزيائية، وبالتالي يسمح ذلك بتجسيد فكرة الفن المعالج، الذي أصبح أسلوبا فنيا في حد ذاته، وأيضا أداة للتغيير نحو الأحسن ورؤية الحياة بشكل أكثر إشراقا وتفاؤلا. لوحات جوة تشكل قطعة من مخيلته الوهاجة، وبالتالي فإن اللوحة تنقش على هذه المخيلة وهي غير قابلة للضياع. من ضمن اللوحات المعروضة ''المرحلة الجميلة'' و''الزمن الحر'' و''الولادة''، التي تصور أشكالا هندسية تشبه الأجنة ضمن مربعات مغلقة في إطار كبير مظلم، هناك أيضا ''الطفولة'' وهي عبارة عن أشكال متداخلة وحرة وفوضوية، تشبه حركات الأطفال وعفويتهم. لوحة ''جذور الحياة'' تبرز جذورا متشابهة مغروسة في الأرض، وحين تبرز تختلف أشكالها وألوانها. هناك أيضا ''الشفافية'' التي تسود فيها الألوان الشفافة والفاتحة الشبيهة بلون الماء، إضافة إلى ''آفاق'' التي تبرز فيها شعلة من الضوء تعبر عن قوة الأمل. للإشارة، فإن محمد جوة من مواليد 29 سبتمبر 1974 بحجوط (تيبازة) وهو خريج مدرسة الفنون الجميلة بمستغانم ووهران. يعرض محمد منذ سنة 1993بالعديد من الولايات، منها تيبازة، العاصمة ومستغانم، كما قام بإنجاز شارات سياحية وملصقات إضافة كعملة في الديكور. مؤخرا، يحاول الفنان الغوص في الرسم العلاجي كي يعطيه بصمة خاصة به.