دعا رئيس المجلس الشعبي الوطني السيد عبد العزيز زياري، أمس، بالدوحة إلى تحليل جريئ وموضوعي للواقع العربي. مؤكدا بأنه ''لا يجب علينا أن نكتفي بالقراءات والتحاليل السطحية بل من الضروي التفكير في مساع فعالة قادرة على معالجة الصعوبات الهيكلية''. (وأ ج) وأوضح بيان للمجلس أن السيد زياري ذكر في كلمة له في اليوم الأول من أشغال المؤتمر السابع عشر (17) للاتحاد البرلماني العربي أن ''الظروف الراهنة تحتم علينا مواجهة المشاكل العويصة التي تهدد الاستقرار والتوازن داخل مجتمعاتنا''. ولاحظ رئيس المجلس الشعبي الوطني أن مطلع هذه السنة شهد ''مشاكل اقتصادية واجتماعية أدت إلى أزمات سياسية وأن معظم دولنا وبالخصوص تلك التي لها حجم ديمغرافي معتبر تواجه منذ سنين تحديات كبيرة''. وقال في هذا السياق: ''إن الأزمة الاقتصادية العالمية لعبت دورا كبيرا في التدهور الخطير للتوازنات الاجتماعية والاقتصادية وعمقت مشكلة البطالة وأظهرت عجز سوق العمل في الاستجابة لطلبات الشباب وخاصة حاملي الشهادات الجامعية''. ''كما عمقت الأزمة -حسب نفس المسؤول- مشكلة تدهور القدرة الشرائية للمواطنين وزادت من انتشار الفقر وتفشي البؤس''، مشددا بالمناسبة بأنه ''من المستحيل إيجاد حلول آنية وشاملة لهذه المشاكل لأنه ليس لدينا الإمكانيات الكافية ولا القدرات اللازمة لمواجهة هذه التحديات''. ويرى السيد زياري أن معالجة هذه المطالب ''تقتضي التفكير في صياغة عقد اجتماعي وسياسي جديد''، معتبرا في نفس الوقت بأن تطبيق هذا العقد وقبوله من الشعوب المعنية به ''يتطلب إرساء مؤسسات قادرة على استرجاع الثقة بين الدولة والمجتمع وبين الحاكم والمحكوم''. ونبه في كلمته إلى أن التحديات الكبرى التي تواجهنا ''معقدة وعويصة ولها عدة جوانب سياسية واقتصادية واجتماعية وعلمية وتكنولوجية وثقافية وإيديولوجية وحتى عقائدية''. ومن جهة أخرى تساءل رئيس المجلس عن ''سبب عجزنا في تحقيق الوحدة العربية التي تتطلع إليها شعوبنا منذ عشرات السنين ''داعيا إلى مقارنة تجربة البلدان العربية في هذا المجال مع الإنجازات التي حققتها الشعوب الأوروبية في بناء الاتحاد الأوروبي بمحتوياته الاقتصادية والعلمية والاجتماعية والثقافية والسياسية والمؤسساتية''. واسترسل السيد زياري قائلا: ''إن مشروعا طموحا كالوحدة العربية المنشودة لا يمكن أن يتجسد في الواقع إلا بتكاتف الجهود في إطار استراتيجية فعالة ورؤية بعيدة المدى تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات مجتمعنا''. وربط تعثر تجسيد الوحدة العربية ب''ضعف مؤسساتنا السياسية وتهميش الرأي العام العربي''، معتبرا بأن ''تكريس استعمال ''الشارع العربي'' بدلا من ''الرأي العام العربي'' يعكس جليا تعميق الهوة بين الحكومات والشعوب العربية ويظهر غياب حوار بناء عبر مؤسسات قوية وذات مصداقية''. ''وحتى لا تبقى الوحدة العربية المنشودة حبيسة الخطابات -كما أكد السيد زياري- يجب أن نعمل سويا على بناء استراتيجية حقيقية منبثقة من واقعنا ووفق مسار يلزمنا بتخطي الخلافات التي لا تخدم لا الدول ولا الشعوب العربية ولا الأمة العربية''. ودعا بالمناسبة إلى ''تركيز الجهود من أجل بناء دول قوية سياسيا بمؤسسات تستند إلى شرعية ومصداقية تؤهلها لأداء الدور المنوط بها من أجل مواجهة التحديات والمشاكل المطروحة''. واستدل في سياق هذا بالقضية الفلسطينية وبالأوضاع الأليمة التي يعيشها الشعب الفلسطيني الذي أصبح الآن ''مهددا في وجوده''. وأكد رئيس المجلس في نفس الوقت بأن ''الوضع الأليم الذي يعيشه الشعب الفلسطيني لم يعد مسألة سياسية بل مسألة حضارية وأخلاقية تخاطب ضمائرنا وما آل إليه الوضع أصبح يمس بكرامة الأمة العربية بأكملها''. ومن جهة أخرى التقى رئيس المجلس الشعبي الوطني السيد عبد العزيز زياري بعدد من رؤساء المجالس العربية المشاركين في أشغال المؤتمر السابع عشر للاتحاد البرلماني العربي حسب ما أفاد به بيان للمجلس. وأشار ذات المصدر إلى أن السيد زياري تناول في لقاء جمعه برئيس مجلس النواب الأردني السيد فيصل الفايز جملة من ''القضايا العربية ذات الصلة بالوضع الراهن والقضايا ذات الاهتمام المشترك''. وخلال هذا اللقاء وجه كل من السيد زياري والسيد الفايز دعوة للآخر من أجل القيام ب''زيارة رسمية'' بهدف تعزيز علاقات التعاون والتنسيق بين مجلسي البلدين. كما التقى رئيس المجلس الشعبي الوطني على هامش أشغال المؤتمر -الذي انطلقت أشغاله أمس- برئيس مجلس المستشارين بالمملكة المغربية السيد محمد الشيخ بيد الله والسيد محمد بن مبارك الخليفي رئيس مجلس الشورى، حيث تحادث معهما حول عدد من ''القضايا ذات الاهتمام المشترك''. وفي السياق التقى السيد زياري برئيس مجلس دولة البحريني السيد خليفة الظهران بحيث ''جدد له الدعوة لزيارة المجلس الشعبي الوطني''. وأشار المصدر إلى أن ''القضايا العربية والوضع الراهن ومسألة تطلعات الشعوب وانشغالاتها والقضية الفلسطينية'' كانت حاضرة ''بشكل قوي'' خلال هذه اللقاءات إضافة إلى ''دور البرلمانيين العرب في تعميق الحوار والإسهام في حل المعضلات التي تواجهها الأمة''.