توالي استقالات الدبلوماسيين الليبيين احتجاجا على قمع المحتجين ازداد الوضع الميداني في ليبيا تفاقما بعد 11 يوما من انطلاق الاحتجاجات المناهضة لنظام العقيد معمر القذافي والتي تحولت إلى مواجهات ومعارك دامية بين القوات والموالين للعقيد الليبي والمحتجين المناهضين له خلفت سقوط المئات إن لم يكن الآلاف بين قتلى وجرحى.وشهدت معظم المدن الليبية أمس مظاهرات حاشدة انطلقت بعد صلاة الجمعة استجابة لنداء أطلقه ما أصبح يعرف ب''ثوار 17 فيفري'' من أجل إسقاط العقيد معمر القذافي الذي لم تتوان قواته على إطلاق النار على المتظاهرين في العاصمة طرابلس مما أدى إلى سقوط قتلى. وتحولت معظم المدن الساحلية أو القريبة منها إلى مسرح لمواجهات دامية خلفت سقوط المزيد من الضحايا فيما سيطر المحتجون على مدن شرق البلاد. وأكدت تقارير إعلامية أمس سيطرت المتظاهرين على مصراتة ثالث كبرى المدن الليبية الواقعة 150 كلم شرق العاصمة طرابلس بالتزامن مع اندلاع مواجهات دامية بقاعدة جوية قريبة من المدينة خلفت سقوط العديد من القتلى. واعتبر العديد من المتتبعين انه في حال تأكدت المعلومات بسيطرة المتظاهرين على مصراتة فإن ذلك معناه استمرار زحفهم إلى طرابلس التي لا تزال حتى سيطرة الحكومة الليبية. من جانبها شهدت مدينة بنغازي التي انطلقت منها الشرارة الأولى للانتفاضة الشعبية في ليبيا اعتصام آلاف المتظاهرين أمام مقر المحكمة المحلية والذي تحول إلى مركز العام لقيادة الاحتجاجات. وانتشر لهيب المواجهات إلى مدينة الزاوية الواقعة 60 كلم غرب العاصمة والتي تضاربت المعلومات بشأن حقيقة ما يجري بها من عمليات تقتيل مرعبة بحيث في الوقت الذي أعلنت فيه وكالة الأنباء الليبية الرسمية عن إقدام من وصفتهم ب''الإرهابيين'' عن ذبح العديد من الجنود فندت صحيفة ''القورينا'' هذا الخبر وأكدت عن سقوط 23 قتيلا وإصابة 44 آخرين في هجوم لقوات الأمن على سكان المدينة. ونشرت وكالة الأنباء الليبية هذا الخبر تدعيما لاتهام العقيد القذافي تنظيم القاعدة بالوقوف وراء الحركة الاحتجاجية المتصاعدة في بلاده والمطالبة برحيله وكل نظامه. فقد جدد القذافي في اتصال هاتفي مع التلفزيون الرسمي الليبي اول أمس اتهام الشباب الذي يقود الثورة المناهضة له ب''تعاطي الحبوب المهلوسة التي زودتها بهم القاعدة'' وحث السكان على اعتقال الموالين لهذا التنظيم وتقديمهم للعدالة. وكان القذافي في اول خطاب له منذ اندلاع الأزمة في ليبيا توعد بقمع المتظاهرين المناهضين له وحذر من إمكانية حدوث مذابح في البلاد إذا أصر المحتجون على مطالبهم في إسقاطه. ويسعى النظام الليبي جاهدا إلى تخويف المتظاهرين وترعيبهم لحملهم على إيقاف احتجاجاتهم، حيث عمدت إحدى شركات خدمات الهاتف النقال الليلة الخميس إلى الجمعة إلى إرسال فتاوى ''إس إم إس'' للمشتركين تدعوهم فيها إلى عدم المشاركة في المظاهرات الاحتجاجية المناهضة للنظام وتحرم مشاهدة القنوات الفضائية. ولكن ذلك لم يمنع الحكومة الليبية عن إعلانها اتخاذ إجراءات في محاولة لاحتواء حالة الغليان التي تشهدا البلاد بإقرارها زيادة في رواتب العمال تصل إلى 150 بالمئة إضافة إلى تقديم مبلغ 400 دولار لكل عائلة من اجل مساعدتها في مواجهة موجة غلاء المواد الغذائية. غير أن هذه الخطوة تبقى غير كافية لإخماد لهيب هذه الثورة الذي انتقل صداها إلى السلك الدبلوماسي الليبي في الخارج، حيث توالت استقالة العديد من الدبلوماسيين احتجاجا على الاستخدام المفرط للقوة من قبل النظام ضد المتظاهرين. وفي هذا السياق أعلن منسق العلاقات المصرية أحمد قذاف الدم والذي يعتبر احد المقربين وقريب الزعيم الليبي استقالته من أي منصب رسمى يشغله داخل النظام الليبي احتجاجا على ما وصفه ''بأسلوب المعالجة'' التي تتم به الأزمة في ليبيا. وأعلن أحمد قذاف الدم بأنه قد غادر ليبيا منذ أسبوع احتجاجا على الأسلوب المنتهج في معالجة الأزمة ودعا الجميع إلى ''وقف حمام الدم والاحتكام إلى العقل من أجل ليبيا ووحدتها ومستقبلها والتي هي فوق الجميع''. كما أعلن كل من سفراء ليبيا في فرنسا والأردن ولدى منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة ''اليونسكو'' عن استقالتهم من مناصبهم. وأمام استمرار الوضع المتفاقم في ليبيا أعلنت أمانة مؤتمر الشعب العام في ليبيا والتي تعد أعلى هيئة تشريعية في البلاد عن تشكيل ''لجنة قضائية مستقلة'' للتحقيق في الأحداث المؤلمة التي تشهدها العديد من المدن الليبية.