تنطلق اليوم بالعاصمة العراقية بغداد أشغال ندوة المصالحة الوطنية التي دعا إليها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في محاولة لإخراج العملية السياسية في العراق من الموت الاكلينيكي الذي اصابها منذ اكثر من سنتين وبهدف احتواء الوضعية الأمنية المتدهورة في البلاد بعد خمس سنوات من بدء الغزو الأمريكي· وتزامن مع عقد هذه الندوة وصول نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني إلى العاصمة العراقية بغداد في زيارة مفاجئة قيل أنها تهدف الى تشجيع المسؤولين العراقيين على المضي قدما في مسار المصالحة الوطنية في البلاد والتأكيد على تحسن الأوضاع الأمنية في هذا البلد· وهو مسعى أفشله أعنف تفجير هز العاصمة بغداد دقائق قبل وصوله في نفس الوقت الذي سقط فيه صاروخ في قلب المنطقة الخضراء التي تضم أهم السفارات الغربية ومقرات الوزارات والهيئات الرسمية العراقية تحت حماية أمنية أمريكية مشددة· وأجرى المسؤول الأمريكي محادثات مع المسؤولين العسكريين الأمريكيين في العراق في مقدمتهم قائد القوات الأمريكية الجنرال ديفيد بيتريوس إضافة الى السفير الأمريكي ريان كروكر· كما أجرى محادثات مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي تناولت الأوضاع الأمنية والسياسية والقضايا المتعلقة بإبرام اتفاقية طويلة الأمد ومتعددة الجوانب بين بغداد وواشنطن تحدد مستقبل العلاقة بين البلدين لاسيما في المجالين العسكري والاقتصادي· وقال تشيني أنه جاء الى العراق لتجديد دعم الإدارة الأمريكية الراسخ والثابت للشعب العراقي من أجل مساعدته لإنهاء العمل الصعب الذي لازال ينتظره في إشارة ضمنية الى القضاء على المقاومة العراقية الرافضة للتواجد الأمريكي فوق الأراضي العراقية· وأضاف نائب الرئيس الامريكي أن زيارته جاءت متزامنة مع الذكرى الخامسة لغزو العراق التي تعتبرها الولاياتالمتحدة ذكرى إطلاق الحملة التي حررت العراق وشعبه مما تصفه بطغيان نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وكأن المسؤول الأمريكي تناسى كل المآسي التي يعاني منها الشعب العراقي بسبب هذه الحملة· للإشارة فإن زيارة تشيني تندرج في إطار جولة شرق أوسطية تشمل كلا من السعودية وإسرائيل والأردن وتركيا وسلطنة عمان· وتزامنت زيارته إلى العراق مع صدور عدة تقارير أجمعت خلالها منظمات حقوقية دولية على وصف الأوضاع الإنسانية في العراق بالكارثية خمس سنوات منذ سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين· وكان آخر تقرير أصدره الصليب الأحمر الدولي بمناسبة حلول الذكرى الخامسة للغزو الأمريكي، أكد أنه بسبب هذا الاحتلال لم يعد بمقدور ملايين العراقيين تناول الماء الصالح للشرب أو الاستفادة من خدمات صحية وعلاجية لائقة· وأعطى التقرير صورة قاتمة عن الوضعية المعيشية للسكان الذين لم يعد بإمكانهم حتى ضمان قوت يومهم في تأكيد واضح على أن الاحتلال الذي تزعم من خلاله الولاياتالمتحدة أنه جاء بهدف تحرير الشعب العراقي من الدكتاتورية لم يحمل لهذا الشعب سوى المآسي والجوع والرعب والخوف من مستقبل مجهول· فبعد خمس سنوات من سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين على يد قوات التحالف بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية لم يطرأ أي جديد على الوضع الأمني في العراق بل بالعكس ازداد سوءا في الفترة الأخيرة في تناقض صارخ مع الادعاءات التي ما فتئ المسؤولون العراقيون والأمريكيون يطلقونها بشأن تحسن الوضعية الأمنية في هذا البلد وتمكن القوات العراقية بالتعاون مع نظيراتها الأمريكية بفرض سيطرتها على مناطق مختلفة من العراق· وأظهر استطلاع للرأي أجري لصالح مؤسسات إعلامية كبرى أن العراقيين يشعرون الآن أن الهاجس الأمني لا يزال يشكل المشكلة الرئيسية في البلاد وأن وجود القوات الأمريكية زاد من سوء الوضع الأمني ناهيك عن المشاكل المعيشية اليومية التي أثقلت كاهل العراقيين من انعدام الماء والكهرباء·