هل أتت الفوضى الخلاقة أكلها؟ الظاهر أن الإجابة لن تكون إلا بنعم، ذلك أن بوادر الفوضى قد بدأت تستفحل بنقاط حساسة من جغرافية العالم العربي. فهاهي الأطراف المتنازعة في اليمن تلجأ إلى التحاور بالسلاح بعد ما حدث ويحدث في ليبيا، وهاهي الاحتجاجات في سوريا تسمع فيها أصوات الأسلحة، وهي سابقة يجب على الدول العربية أن تبادر قبل غيرها من الأطراف الدولية إلى محاصرتها والتقليل من آثارها المدمرة، وسحب الأعذار التي يعتمدها الغرب للتدخل في الشؤون الداخلية العربية ليس لحل النزاعات ولكن لتأجيجها بين أبناء الوطن الواحد كما حدث في العراق الذي كان موعودا بالحرية والديمقراطية. وإذا كانت هناك مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية تعرفها البلدان العربية والتي كان بالإمكان حلها بالتشاور والتعاون مع جميع القوى الحية فيها، فإن القوة، وقوة السلاح بالتحديد، ليست هي الكفيلة بحلها خاصة وأن الحكمة تقول ما تستطيع أن تأخذه بالقوة تستطيع أن تأخذ أحسن منه بالحكمة. وهذا هو المنطق الذي يجب أن يسود الحوارات السياسية والاقتصادية في بلدان العالم العربي التي اجتاحها هذا الحراك الديمقراطي. ولا يجب أن تعمل المعارضة بمنطق الثأر إذا كانت حقا تسعى إلى خدمة المجتمع، كما لا يجب أن تستقوى بالخارج حتى لا ترهن أهدافها من التغيير وترهن بالتالي مستقبل البلاد سواء حققت أهدافها أو لم تحققها على اعتبار أن الرابح خاسر في أي نزاع مسلح.