شهدت ولاية وهران خلال العقد الماضي، إنجاز العديد من المشاريع الرياضية والشبانية لفائدة الرياضة وممارسيها، وخصوصا للشريحة الشبانية التي وجدت في هذه المرافق متنفسا في مواجهة جملة من المشاكل كالبطالة والفراغ القاتل. ولعل الملاعب الجوارية هي أحد هذه المشاريع المفيدة التي التفتت إليها السلطات المحلية لتجسيدها واقعيا، والتي تدخل ضمن مختلف البرامج المسطرة بغية إتاحة الفرصة للشباب لتحسين أدائهم الرياضي، حيث تمت برمجة إنجاز 17 مشروعا سنة ,2009 و20 سنة ,2010 على أن يتم تجسيد 10مشاريع السنة الجارية ( 2011 )، والتي هي لازالت قيد الدراسة واختيار المقاولات والمؤسسات لإنجازها. ارتفاع مضطرد بنظرة متأنية، نجد أن هذه المنشآت الرياضية ساهمت في رفع عدد الممارسين للنشاط الرياضي مع ارتفاع عددها، حيث كان عدد هذه الملاعب الجوارية لا يتعدى السبعة ( 7 ) سنة 2003 ليرتفع مع مرور السنوات، وقد ساهمت هذه السياسة في احتواء - ولو بنسبة معينة - الواقع المتردي للممارسة الرياضية الجوارية، خاصة مع زيادة الفهم الصحيح لدى عامة الشعب الجزائري للرياضة، كونها ممارسة لا تحصيل نتائج غالبا ما يرجى أن تكون آنية، وهذا للقضاء على العديد من المشاكل الجاثمة أمامنا في الواقع المعيش كتعاطي المخدرات، و''الحرقة''، وانتشار العنف داخل الملاعب وخارجها والتي جعلت 40 ألف شاب يدخلون السجن سنة .2008 20 ملعبا جواريا و4 مركبات رياضية جوارية وفي نفس السياق دائما، كشفت أرقام عن المبلغ الإجمالي لمشروع إنجاز 20 ملعبا جواريا السنة الماضية والمقدر ب20 مليون دج، استلمت مديرية الشباب والرياضة 5 منها عبر مختلف تراب الولاية، تضاف إليها 4 مركبات رياضية جوارية تم إنجازها من قبل وموزعة على كل من بلدية أرزيو ( سنة 2000)، حي الصباح (سنة 2000)، بلدية حاسي بونيف ( 2004 ) ومركب بن فريحة (سنة 2010 ). وكالملاعب الجوارية، فقد كان لهذه المركبات دور كبير في رفع عدد الممارسين، وكذا أداء بعض الرياضات، وتلبية الميل الرياضي لهؤلاء الممارسين وتلاحمه مع النشاط الثقافي، فالمركب الرياضي الجواري لبلدية أرزيو مثلا أدى دورا مهما في رفع مستوى رياضة كرة اليد بهذه البلدية، وخاصة النسوية، بالاستناد إلى عديد التصريحات منها لمدربين، وقد أشير إلى فريق نادي أرزيو الممارس في القسم الوطني الأول كمثال حي وناصع، والذي ما كان له ليبلغ هذه المكانة لولا استفادته من هذه المنشأة الرياضية بالوقت الكافي، والتي سمحت له بكسب العديد من الألقاب الوطنية في مختلف الأصناف العمرية، كما مكن هذا المركب شبابا كثيرين ذوي ميول أخرى من ممارستها بالقاعة الموجودة بداخله كلعبة ''العصا''، والجيدو والكاراتي، هذا فضلا عن احتضانه نشاطات ثقافية وشبانية عديدة كالمسرح، الموسيقى، الأنترنت والفنون التشكيلية، وما وقفنا عنده هو موقع هذا المركب في حي زبانة الشعبي الذي ينفرد بكثافة سكانية كبيرة بالتالي يستقطب عددا وفرا من هواة الرياضة. هيكلة الشباب ضرورية هذه المركبات والملاعب الجوارية المنجزة هنا وهناك فوق تراب ولاية وهران، يقصد منها جذب أكبر عدد من الممارسين لمختلف النشاطات الرياضية الجوارية، وبلغة الأرقام دائما، فإن المشروع الذي أعدته مديرية الشباب والرياضة مس 3600 شاب غير مهيكل عبر أحياء مدينة وهران فقط، وهي تعتزم رفع هذا العدد خلال السنة الجارية ليمس 10 آلاف شاب في رياضات جوارية مختلفة ككرة القدم والكرة الحديدية. دور الحركة الجمعوية محل تساؤل إن هذه النشاطات الرياضية الجوارية التي تستهوي شبابا كثيرين، يجب أن تكون مؤطرة في غالبيتها، لكن ما وقفت عليه ''المساء'' وأكدته مديرية الشباب والرياضة، هو ضعف النشاط الجمعوي عموما، اللهم إلا نزر قليل جدا من الجمعيات التي بقيت وفية لماهية هذا النشاط، حيث أظهرت إحصائية أن 90 في المائة منها صرحت أنها لا تشارك في الحركة الجمعوية، ما دفع مديرية الشباب والرياضة إلى تسطير برنامج تكوين بالتعاون مع ''كراساك'' لتكوين الحركة الجمعوية في أي اختصاص حتى يكون نفعها كبيرا في تأطير شباب يساهم فعلا في تحديث مدينته أو بلديته. وانتباه هذه الهيئة الرياضية لهذا النقص والركود الفادحين، هو الذي جعلها تجنح لعملية تطهير بالتعاون مع مديرية الشؤون الاجتماعية والثقافية لولاية وهران، ففي هذا الإطار سجلت رقم 205 جمعية جددت وثائق اعتمادها دون أن تنشط من مجموع 786 جمعية معتمدة، ما يعني أن هذه الجمعيات الراكدة أضحت عالة على هذه الهيئة الرياضية والحركة الجمعوية المكلفة بالنشاط الجواري، وعموما، فإن إجمالي ما التهمته هذه الجمعيات هو41 مليار سنتيم، لكن بالمقابل لا يمكن نكران جهود جمعيات - حتى وإن كانت تعد على أصابع اليد الواحدة - في ما تقترحه من نشاطات لفئة الشباب كدورات فصلية في كرة القدم كما هو حال جمعية راديوز. 4 مسابح جوارية في طور الإنجاز إن إنجاز واستلام هذه الملاعب الجوارية يدخل دون شك في سياق إعطاء دينامكية أكبر للنشاط الجواري، وتقول مديرية الشباب والرياضة أن إنجازها يتم وفق احتياجات وتحديد النشاط الرياضي، على أن تتكفل الجماعات المحلية بالتسيير والحفاظ عليها، علما أن كل ملعب جواري يتراوح إنجازه بين 140 مليون و280 مليون سنتيم، وهذا تبعا لنوعية الأرضية التي تشيد فوقها المنشأة الرياضية ومساحتها. وتدعيما لهذه الدينامكية فقد برمجت هذه المديرية إنجاز 4 مسابح بكل من بلديات: بوتليليس، أرزيو، قديل ووادي تليلات، لكن ما يجب التشديد عليه، ومن خلال الملاحظات التي سجلتها ''المساء'' سابقا، هي الإعوجاجات التي تعم المسابح الموجودة بوهران، والتي تقتصر على المسبح الأولمبي بالمدينة الجديدة - في انتظار إعادة تهيئة مسابح باسترانا، والغالية وجيامو - والمتمثلة في عملية بزنسة على حساب الأطفال الذين أجبروا على دفع المال مقابل السباحة به، ما أجبر مديرية الشباب والرياضة على التدخل لوضع حد لهذا الفعل المشين. مشددة على معاقبة كل مسؤول أو جهة تبتز الأطفال الذين أضحوا أحرارا في ممارسة نشاطهم الرياضي المفضل، خاصة المنتمين إلى مدارس السباحة بالجمعيات الرياضية. المؤسسات التربوية والرياضة المدرسية أولى ووعيا منها بضرورة حماية هذه الملاعب الجوارية، جنحت مديرية الشباب والرياضة إلى بنائها داخل المؤسسات التربوية، وبذلك تكون قد ضربت عصفورين بحجر واحد: تطوير النشاط الرياضي المدرسي الذي أقرت دراسة بضعفه ممارسة داخل المدرسة، وكذلك حماية هذه الملاعب الجوارية. فمن خلال زيارة ميدانية، قامت بها ''المساء'' لبعض هذه الملاعب، راعتنا حالتها الحالة المزرية بسبب الإهمال وعدم العناية بها، كما هو حاصل في الملعبين الجواريين ببلدية عين الترك، وبحي الزيتون بمدينة وهران الذي لم تبق سوى أرضيته الصلبة، ولم لم تكن كذلك لحطمت وسرقت هي الأخرى كحال العتاد الرياضي المخصصلها (المرمى)، بل ووصل الأمر أن استعملت بعضها كحظائر للسيارات ليلا كما يجري في الملعب الجواري بحي الصباح، لذا وبعد سنتين من بناء هذه الملاعب داخل الأحياء السكنية وما لحقها من إهمال قاتل، غيرت مديرية الشباب والرياضة من استراتجيتها وخطتها بتعليمات من والي ولاية وهران السابق السيد الطاهر سكران، وتحول بناؤها بمحاذاة المؤسسات التربوية أو بداخلها، وفي هذا الإطار فإن إحصائية تؤكد أن 10 ملاعب جوارية من مجموع 17 التي أنجزت سنة 2009 حصل داخل المؤسسات التربوية، التي يتم اختيارها لكي تحتضن هذه الملاعب وفقا للطلبات التي تتقدم بها الدوائر التسع بولاية وهران وقد شرع في ذلك سنة .2008 ولم تكتف مديرية الشباب وارياضة بذلك، بل ربطت الوصل بصفة دائمة مع الجمعيات المعتمدة، وخاصة الرياضية منها لتحسيسها بدورها في هذا الشأن، لأنها أولا وأخيرا مكسبا لها ولممارسيها وللشباب عموما. أين نصيب الكرة الحديدية وأخواتها؟ ليس بخاف دور الرياضة الجوارية ليس كممارسة رياضية فحسب، بل وفرصة للاحتكاك والتعارف والتقارب بين الشباب وترفيها عن أنفسهم في مساحة مخصصة، عوضا عن اللعب داخل حظائر السيارات وفي الطرقات والحقول، وما يترتب عن ذلك من مخاطر عليهم، لكن إذا كان طبيعيا ومنطقيا ميل غالبية الشباب إلى ممارسة كرة القدم باعتبارها الأكثر شعبية، فإنه ليس من العدل - من وجهة نظرالبعض - تكريس هذه الملاعب للجلد المنفوخ فقط، على حساب رياضات أخرى تقاوم الاحتقار والتجاهل كالكرة الحديدية ذات التتويج الحافل في مدينة وهران، التي يحتفظ العارفون فيها بتقاليد متوارثة أبا عن جد. وزادها جهلا تخلي العديد من الممارسين عنها بسبب قلة الإعانات المالية، وخصوصا المساحات المخصصة لها، فقد أحصت هذه اللعبة ملعبين مخصصين لها فقط في مدينة وهران، واحد منهما حديث النشأة بحي كاسطور الشهير، وهو تابع للجمعية الرياضية لهذا الحي. وعند اقتراب ''المساء'' من أحد الناشطين والفاعلين في فضاء هذه الرياضة، ألا وهو السيد بودوكارة حراث الأمين العام للربطة الوهرانية للكرة الحديدية، أكد لنا تلك ''الغصة'' والمعاناة، التي تواجه رياضة الكرة الحديدية وممارسيها، الذين لم يعودوا يقتصرون على الشيوخ، بل امتدوا إلى قطاع واسع من الشباب الذي لا يرغبون سوى في مساحة مخصصة وكرات حديدية من نوعية جيدة حتى يمارسوا نشاطهم الرياضي والترفيهي المفضل، وأضحت جهود الرابطة يتيمة أمام عدم انسجام السلطات المحلية - بحسب بودوكارة - في خطة الرابطة لدعم، والنهوض بهذه اللعبة التي هي بحاجة ماسة - يؤكد محدثنا - إلى تخصيص مساحات لعب، ومضاعفة الإعانة المالية حتى تتمكن من تكثيف تنظيم المنافسات لفائدة الشباب، ومنهم من يمثل جمعيات رياضية معروفة كنور بئر الجير دائمة الحضور في البطولات الجهوية والوطنية، بل وتمون المنتخب الوطني بلاعبين ماهرين أثبتوا نجاحهم في المحافل العالمية، وساهموا في تبوؤ الجزائر رتبة ضمن العشرة الأوائل عالميا، وبلوغ الدور ثمن النهائي في بطولة العالم بتركيا. وقد أحصت الرابطة المذكورة 20 جمعية رياضية. ويؤكد السيد بودوكارة أن ما وجد من مساحات لا يواتي ممارسة هذه اللعبة، لأنها أضحت تستخدم لأغراض أخرى بعيدا عن النشاط الرياضي، لذا اضطر اللاعبون إلى الاستنجاد بالحدائق العمومية لممارسة هذه الرياضة في اختصاص اللعب القصير فقط، لأن الطويل اختفى لعدم توفره على مساحات واسعة. ويتساءل السيد بودوكارة عن السبب في عدم رفع السلطات المحلية العون المالي الممنوح لرابطته، والذي يتراوح حاليا بين 20 و25 مليون سنتيم، وهو قليل جدا لتكثيف تنظيم المنافسات، ولولا الخواص - يؤكد - لما تنسى تنظيم ما ينظم منها حاليا، وكذا عدم تهيئة ملاعب كفيلة بتطوير أكثر لرياضة الكرة الحديدية والموجودة بأحياء كارطو، وبلان سيال وسان شارل. وأصر السيد بودوكارة، على ضرورة مساعدة الشباب الهاوي لهذه الرياضة من خلال تخصيص فضاءات جوارية، خاصة وأنها ( أي هذه الرياضة ) لعبة معترف بها دوليا وليس مجرد هواية، ومن ثم بإمكانها تأهيل العديد من هؤلاء الشباب لكي يصبحوا رياضيين ذوي مستوى عال ولم لا الالتحاق بالفريق الوطني ومن ثم ولوج العالمية، وذلك ليس بمستحيل على الشاب الجزائري يؤكد بودوكارة. أرضيات الملاعب الجوارية.. المتنفس والخطر بقدر ما كانت هذه الملاعب الجوارية فرجا لآلاف الشباب في ممارسة نشاطاتهم عليها، وخصوصا كرة القدم، أضحت أرضياتها خطرا داهما على من يركض فوقها لكونها كلها مشيدة من الأسمنت المسلح، المعروف عنه أنه العدو الأول و الخطير على أقدام اللاعبين، فكثيرا منهم أصيبوا بداء المفاصل وبكسور خطيرة جراء سقوطهم فوقها بعد احتكاكات وما أكثرها في لعبة كرة القدم. وبحسب بعض الشباب الذين تجاذبنا أطراف الحديث معهم في هذا الشأن، فإنهم يشعرون فعلا بآلام في أسفل القدم، وأن عديد الإصابات تحدث لهم لأن تركيزهم غالبا ما يكون في صلب المباراة أكثر من الحذر في الوقوع فيها، لكن لن يمر وقت طويل - بحسبهم - وأحيانا فورالانتهاء من تأدية نشاطهم الرياضي حتى يبدأ الألم يتسلل إلى مفاصلهم وأطرافهم السفلى، ما حدا بهم إلى تغيير وجهتهم إلى أرضيات ترابية أو من ''التيف '' اتقاء لعواقب صحية مستقبلية، وهو ما يستدعي بحسب هؤلاء الشباب، من السلطات الانتباه والعمل في المستقبل على إنجاز هذه الملاعب بأرضيات معشوشبة طبيعيا أو اصطناعيا، حتى يبقوا دائما في فضاء لعبهم المفضل بعيدا عن الآفات الاجتماعية والفراغ القاتل.