ليلة جنائزية، مرت على أنصار مولودية وهران بعد إقصاء ممثليهم في الدور نصف النهائي على يد شبيبة القبائل بهدفين لواحد. فحلقات التحليل التي اعتادت أزقة ''الباهية'' احتضانها - خصوصا في الأحياء الشعبية كالحمري، وابن سينا، وفلوسن وغيرها، والتي تعد المعاقل الرئيسية لهؤلاء الأنصار- بعد نهاية كل لقاء لزملاء واسطي في الأدوار السابقة للكأس قلّت إن لم نقل اختفت، لأنه لاشيئ يقال بعد الإقصاء غير التأسف وأحيانا البكاء لعدم المرور إلى النهائي السابع في تاريخ المولودية، وتجريب حظها في رفع الكأس للمرة الخامسة، هذا الحظ الذي سيتاح بالمقابل لشبيبة القبائل لكي تجربه عساها تتوج بالسيدة الكأس للمرة الخامسة في مشوارها هي أيضا، بعد أن نجحت في توقيف زحف الوهرانيين بعد أن أودعت في مرماهم هدفين أحدهما من القناص حميتي، الذي مارس هوايته المفضلة في هز شباك خصومه، وبالتالي أهدى التأهل لفريقه لتنشيط الدورالنهائي. القليلون من ''الحمراوة''، الذين عادوا للمباراة لاموا الإتحادية الجزائرية لكرة االقدم التي تتبع صيغة الفريق الأول الذي يسحب في عملية القرعة هو الذي يستقبل بميدانه، لأنه بحسبهم لولا هذا الأسلوب لاقتطعت المولودية تأشيرة التأهل للمباراة النهائية، لأنه كان ينقصها شيئ من الحظ وهو ميزة منافسة الكأس، والتساوي في الضغط الذي كان كبيرا على الوهرانيين، لأنهم لعبوا داخل قواعد مضيفهم القبائلي. لكنهم عادوا ليروا بعين المنطق، أن فريقهم بلغ مرتقى هاما بوصوله إلى الدور نصف النهائي بتشكيلة شابة، كافحت بكل قوة حتى تكون عند حسن الظن هي ومدربها شريف الوزاني الذي يلقى كل التقدير من لدن الأنصار، لأنه استطاع صياغة تشكيلة وفقت في الوقوف بندية أمام أقوى الفرق الجزائرية، ولن يكون هذا الإقصاء ليلغي قيد أنملة من هذا الإحترام والدعم الذي يلقاه اللاعب الدولي السابق من لدن ''الحمراوة''. بالعين الخبيرة لبعض المتتبعين، فإن مولودية وهران خانها خط هجومها الذي يبقى دائما نقطة ضعفها، حيث لم يزرع الخطر اللازم ويصنع الفرص حتى يدفع شبيبة القبائل إلى الانكفاف شيئا ما إلى الوراء ومن ثم تخفيف الضغط عن خط الدفاع الذي أدى مباراة في المستوى بقيادة القائد زبير واسطي ومساعده في المحور فريد بلعباس، الذي أكد مرة أخرى أحقيته في منصب أساسي، حيث كانت كل تدخلاته موفقة باستثناء واحد - وهو المهم - تأخر فيه فاختطف منه حميتي كرة رأسية وقع بها هدف التأهل لفريقه، رغم عزيمة الحارس فلاح في الذود عن مرماه، والذي أدى بدوره مباراة محترمة، أكد بها هو أيضا بأنه صفقة رابحة للمولودية هذا الموسم، لكن يجب عليه الإلتفات لنقطة ضعفه والتي قد تجلب له الويلات إن لم يعالجها في مهدها، وهي الخرجات العشوائية من مرماه، خاصة أثناء تنفيذ المخالفات الثابتة والركنيات، ومن إحداها التي سجل منها حميتي الهدف الثاني للشبيبة بينت هذا الضعف ولو قليلا. حزن ''الحمراوة'' كان مزدوجا ليلة أول أمس في مدينة تيزي وزو، الإقصاء ووفاة مناصر قبل انطلاق المباراة بساعات قليلة، والذي راح ضحية حب جنوني للمولودية التي عليها الافتخار بحيازتها لجمهور ذهبي يناصرها ويرتحل معها في كل مكان، ويخاطر بحياته من أجلها. أقصيت مولودية وهران، وهذا منطق اللعبة، لكن الخشية الآن هي في عودة الحرب الكلامية بين الرئيس الطيب محياوي - الذي كان يراهن كثيرا على مصافحة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في اللقاء النهائي- والطاقم الفني يتقدمهم شريف الوزاني، الذي كان صرح قبل لقاء تيزي وزو أن رئيسه تغاضى عن تحفيز لاعبيه أسوة برئيس الشبيبة حناشي. فالمشاكل الداخلية وبالأخص المتعلقة بالمستحقات المالية لازالت جاثمة وبارزة، غطت عليها فقط إلى حين النتائج الإيجابية خصوصا في جبهة الكأس. فهل هذا الإقصاء سيكون بداية لهزة جديدة قد تكون قوية هذه المرة تهوي بالبيت الحمراوي المرتج أصلا؟ الإجابة ستكشف عنها الأيام ومابقي من منافسة هذا العام.