تطرقت الأستاذة شاوش مريامة من جامعة قسنطينة خلال المداخلة التي ألقتها أول أمس بقاعة المحاضرات بقصر الثقافة والفنون لمدينة سكيكدة المعنونة ب''التراث القديم في الجزائر، الصراع الأبدي بين علم الآثار والتخطيط'' إلى إشكالية التراث القديم في الجزائر وما آل إليه اليوم من وضع لا يبعث على الارتياح خاصة وأن وسائل التهيئة العمرانية والتعمير على الرغم من أنها تتضمن بنودا تؤكد على ضرورة الحفاظ على المعالم الأثرية إلا أنها لم تحترم مما أفرغ العديد منها من محتواها. وفي معرض مداخلتها ضمن الطبعة الثانية للملتقى الوطني حول »مشاريع الترميم في الجزائر« اشارت المحاضرة الى أن الاستعمار الفرنسي عند احتلاله لبلادنا قام بتشييد مدنه الأوروبية على أنقاض المدن الرومانية القديمة من منطلق أنه الوريث الشرعي للحضارة الرومانية من واجبه الحفاظ على ما أنجزه الرومان، حيث قاموا بإنجاز مدن جديدة فوقها تماما كما هو الحال بقسنطينة وشرشال، ميلة وتبسة أو بجانبها كما هو الحال بتيبازة أو ابتعدوا عنها قليلا كما هو الشأن بعنابة وتيمقاد وفيما يخص إشكالية توسيع المدن الحضرية فقد أكدت الأستاذة شاوشي بأنها كانت على حساب الحضائر التاريخية الأركيولوجية مما أثر سلبا على الموروث التراثي الروماني مشيرة إلى أن الجزائر عند الاستقلال وقعت في نفس الأخطاء على الرغم من أن القوانين كانت تشدد على ضرورة الحفاظ على المواقع الأثرية عند إنجاز أي عملية تعمير إلا أن ذلك لم يحترم. وعن الموروث الأثري الحالي بالجزائر قالت المحاضرة بأنه مندمج داخل المدينة الحالية لكونه يشكل نسيجا ميتا في محيط المدينة الحية لذا- كما أضافت - يجب أن لا يكوّن ذلك عائقا عند عملية التوسيع العمراني بل يجب أن يكون من مقومات المساهمة في ديناميكية المدينة كأن يكون على شكل حظيرة أركيولوجية تساهم بإيجابية في ترقية وتطوير السياحة الثقافية وفي الترفيه بل حتى في المجال الاقتصادي لتؤكد في الأخير على ضرورة التجسيد الميداني لكل القوانين التي تلزم وسائل التهيئة والتعمير بأخذ هذا الجانب بعين الاعتبار بإعطاء قيمة للمواقع الأثرية حتى تحافظ على قيمتها وكذا القيام بأنشطة توعوية انطلاقا من الأسرة والمدرسة وحتى الجامعة من أجل غرس ثقافة الحفاظ على الموروث التراثي الذي اعتبرته المحطة التي تمكننا من بناء المستقبل دون إهمال دور الجمعيات. للإشارة فإن برنامج هذا الملتقى الذي قامت بتنظيمه مصلحة التراث الثقافي بمديرية الثقافة لولاية سكيكدة ودام يومين كاملين تضمن تقديم مداخلات حول التسجيل للممتلك الثقافي في قائمة التراث العالمي للأستاذة هشام زهيوة برنية من جامعة قسنطينة ومداخلة للدكتور طاوطاو حسين من مركز البحث بعين مليلة حول القوس الرباعي بتبسة محاولات لإعادة التصور وكذا للأستاذة كريمة مسعودي من جامعة 20 أوت55 حول التراث الريفي كأداة للتنمية المحلية والمستدامة، أما اليوم الثاني فقد خصص لمداخلة للأستاذ بجاجة عبد العزيز من جامعة قسنطينة حول تاريخ ترميم مسجد سيدي علي الكبير بالقل وأخرى للأستاذة عبد الصمد رقية من جامعة الجزائر 2 حول صيانة وترميم الصخور الكلسية في المباني الأثرية وكذا للأستاذ عيساوي بوعكاز من الجزائر2 حول جوانب من أعمال الصيانة والترميم في الجزائر وأيضا للأستاذ لبيب الحاج من جامعة تيسمسيلت بعنوان حماية التراث الأثري في ظل القوانين الأثرية والمواثيق الدولية.