انتهى أخيرا كابوس الفرقة والانقسام الذي جثم على قلوب الفلسطينيين طيلة أربع سنوات كاملة أدى إلى تشتيت صفهم وضرب وحدتهم وجعلهم كيانين منفصلين وهو ما انعكس سلبا على عدالة قضيتهم الرئيسية في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.وشهدت القاهرة أمس مراسيم حفل التوقيع على اتفاق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام الداخلي بين حركتي حماس وفتح بمشاركة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس في أول لقاء يجمع الرجلين منذ أحداث قطاع غزة شهر جوان .2007 وتم حفل التوقيع بمقر المخابرات المصرية العامة وحضره الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ووزيري الخارجية المصري نبيل العربي ومدير المخابرات مراد موافي. كما حضر حفل التوقيع ثلاثة نواب من عرب إسرائيل. وحضر روبرت سيري المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط احتفال التوقيع نيابة عن الأمين العام الاممي الذي دعا كل الأطراف إلى الالتزام بمبادئ اللجنة الرباعية حول الشرق الأوسط . وكانت مختلف الفصائل والقوى السياسية الفلسطينية وفي مقدمتها حركتا التحرير الوطني ''فتح'' والمقاومة الإسلامية ''حماس'' قد وقعت أول أمس اتفاق المصالحة الذي سبق وتم التوقيع عليه بالأحرف الأولى بين أكبر فصيلين فلسطينيين يوم 72 أفريل الماضي في خطوة تمهد لإنهاء الانقسام في الشارع الفلسطيني وتشكيل حكومة وحدة وطنية. وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس ''إننا بهذا التوقيع نعلن طي صفحة الانقسام السوداء إلى الأبد''. وأضاف ''إننا متأكدون من النجاح ما دمنا سنوحد صفوفنا، لان المصالحة لا تفتح الطريق فقط أمام إعادة ترتيب البيت الفلسطيني ولكن أيضا أمام تحقيق سلام عادل''. وفي رده على الابتزاز الذي أبداه رئيس الوزراء الإسرائيلي الرافض لاتفاق المصالحة الفلسطينية وخير رئيس السلطة الفلسطينية بين السلام وحماس دعا عباس من جهته حكومة الاحتلال الاختيار بين الاستيطان أو السلام. واتهمها بالعمل من اجل إبقاء حالة الانقسام كحجة للتهرب من التزاماتها المتعلقة بمفاوضات السلام. وأكد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس أن ''معركتنا الوحيدة هي ضد إسرائيل'' في إشارة واضحة إلى أن الخلافات التي ميزت العلاقة بين حماس وفتح لا يمكن أن تشكل عائقا أمام وحدة الصف الفلسطيني مهما طال الزمن. وأبدى مشعل رغبة حركته في إقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدسالمحتلة من دون أن تتراجع قيد أنملة عن حقوق شعبها المغتصبة. وحظي اتفاق المصالحة الفلسطينية الذي انتظر طويلا ترحيبا فلسطينيا وعربيا ودوليا واسعا بعد أن أنهى أربع سنوات من انقسام شتت البيت الفلسطيني وجعله هدفا سهلا للاعتداءات الإسرائيلية. وجاءت أولى ردود الفعل الفلسطينية المرحبة من قبل رئيس الوزراء سلام فياض الذي شدد على ضرورة تطبيقه الفوري ووصف عملية التوقيع من قبل جميع الفصائل الفلسطينية بالحدث السعيد. وأكد فياض أن ذلك ''يشكل خطوة أولى انتظرناها منذ زمن طويل لان الوحدة الوطنية من بين أهم المسائل الرئيسية حتى نكون مستعدين لإقامة دولتنا''. من جانبها رحبت الحكومة الأردنية بتوقيع جميع الفصائل الفلسطينية على اتفاق المصالحة بعد سنوات من الانقسام ألحقت أضرارا كبيرة بالشعب الفلسطيني وقضيته العادلة. وذكر وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال والمتحدث باسم الحكومة الأردنية طاهر العدوان أن بلاده ''ترحب بكل تفاهم واتفاق فلسطيني يحقق الوحدة الوطنية الفلسطينية ويدعم المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة''. وأضاف ''إن كل جهد وكل انجاز على مسار رص الصفوف وتوحيد كلمة الشعب الفلسطيني هو محل ترحيب ودعم من قبل الأردن''. وأكد الوزير الأردني أن جميع المواقف التي تتخذها الحكومة الأردنية تجاه فلسطين هدفها دعم القضية الفلسطينية ومساندة الفلسطينيين لنيل حقوقهم وفق قرارات الشرعية الدولية. وعلى الصعيد الدولي، اعتبرت اليونان أن ''اتفاق فلسطيني لا غنى عنه لإرساء السلام في الشرق الأوسط ولكنه من السابق لأوانه الحكم على هذا الاتفاق في الوقت الراهن''. وقال غريغوري ديلافيكوراس المتحدث باسم الخارجية اليونانية أن ''هذا الاتفاق تطور جد هام واليونان تهنئ مصر التي لعبت دور الوسيط ولكن يجب معرفة كل التفاصيل وماهية الخطوات المقبلة''. وعلى نقيض كل هذه المواقف واصلت إسرائيل انتقادها لاتفاق المصالحة الفلسطينية واعتبرته مجرد ذر للرماد في الأعين في محاولة يائسة للتقليل من أهمية وحدة الصف الفلسطيني. وقال الوزير الإسرائيلي المكلف بالدفاع المدني ماتان فيلناي أن ''الاتفاق لن يغير شيئا '' بدعوى أنه ''مجرد ذر للرماد في الأعين لان حماس وفتح لا يمكنهما الاتفاق على أي شيء وأفضل دليل على ذلك تعارض موقفيهما'' من عملية قتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.