لم تستفق السلطات الفرنسية بعد من قوة الصدمة التي لحقتها جراء فضيحة الاعتداء الجنسي الذي تورط فيه مدير صندوق النقد الدولي ضد عاملة في أحد فنادق مدينة نيويورك. ولا حديث في كل فرنسا خاصة في أوساط داخل السلطة الفرنسية وأحزاب اليمين والأحزاب اليسارية التي ينتمي دومينيك شتراوس كان إلى حزبها الاشتراكي إلا عما أصاب الرجل حتى أقدم على مثل هذا ''العار'' الذي سيبقى عالقا في جبين الدبلوماسية الفرنسية لسنوات. وقد اعترف وزير الداخلية الفرنسي كلود غيون بالعاصمة التونسية بوقع هذه الفضيحة وقال إن تأكد الاتهام ضد شتراوس كان بمحاولة الاغتصاب ''أمر خطير جدا حتى بالنسبة لصورة فرنسا في العالم''. وهي الصورة التي أراد وزير الخارجية الفرنسي الآن جوبي أن لا يزيدها قتامة مما اضطره إلى إلغاء جولة كان يعتزم القيام بها إلى دول منطقة الشرق الأوسط. ويدرك جوبي أن زيارته إلى المنطقة سوف لن تزيد إلا في استدامة هذه القضية على واجهة الصحف العالمية في فضيحة لم تكشف عن كل خباياها ودفعت إلى طرح الكثير من التساؤلات عن هذه الزلة الأخلاقية التي تورط فيها المدير العام لصندوق النقد الدولي. ويبدو أن تداعيات هذه القضية سيكون لها وقع كرة الثلج في داخل فرنسا وعلى العلاقات الأمريكية-الفرنسية. ولم تهضم السلطات الفرنسية تلك الصورة التي تناقلتها مختلف وسائل الإعلام الدولية لمدير صندوق النقد الدولي وهو مقيد اليدين وسط حراسة أمنية مشددة وهو يقتاد إلى سجنه حيث قضى اول ليلة له في سجن ريكر ايسلاند بمدينة نيويورك بعد أن رفض قاضي التحقيق الإفراج عنه مقابل كفالة مالية. وشعرت الحكومة الفرنسة وأحزاب اليمين واليسار جميعها من أن تلك الصورة تعنيها وان صورة فرنسا قد سقطت في الوحل. ولم يتأخر الحزب الاشتراكي الفرنسي الذي كان يأمل في ترشيح شتراوس لخوض سباق الرئاسيات شهر ماي من العام القادم في توجيه انتقادات لاذعة للعدالة الأمريكية على لسان وزير الثقافة الأسبق جاك لانغ الذي اتهم النظام القضائي الأمريكي بتسييس القضايا المطروحة عليه. وقال لانغ أن ما تعرض له صديقه يعتبر ''تحاملا غير مبرر في حق المدير العام لصندوق النقد الدولي وان القاضية التي استجوبته أرادت تسييس قضيته وجعل الفرنسي يدفع الثمن''. بينما قال وزير العدل الفرنسي الأسبق روبيرت بادنتير أن ''العدالة الأمريكية أرادت قتل شتراوس إعلاميا بعد ان أظهرته وكأنه مجرد بائع مخدرات ولكن بفارق أن شتراوس شخصية مرموقة ومعروفة في كل العالم''. ودعا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الجميع إلى التحلي برباطة الجأش والى الشجاعة والكرامة في حال إثبات التهمة ضد دومنيك شتراوس كان.