تجددت الاشتباكات عنيفة أمس ولليوم الثالث على التوالي بين عناصر جيش المهدي والقوات العراقية والأمريكية مخلفة سقوط العديد من الضحايا في مؤشر واضح على اشتداد القبضة بين رئيس الوزراء نوري المالكي ومقتدى الصدر الذي سبق وسحب وزراءه من حكومة المالكي احتجاجا على رفض الأخيرة انسحاب القوات الأمريكية من العراق· وفي ظل هذه الانزلاقات الأمنية منح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مسلحي جيش المهدي وعناصر الميليشيات الشيعية المسلحة الاخرى في محافظة البصرة مهلة ثلاثة ايام لتسليم أسلحتهم وتفادي ملاحقتهم·وقال المالكي أن المسلحين الذين يسلمون أسلحتهم خلال سريان مدة المهلة المحددة فإنهم سوف لن يخضعوا لأي متابعة ولكن القانون سيطبق على كل مسلح يرفض الامتثال للاجراءات القانونية· ومن جانبه، قال عبد الكريم خالف المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية أن المالكي وبمنحه هذه المهلة يريد إعطاء فرصة لأولئك الذين لم تلطخ أياديهم بدماء العراقيين·وأضاف أنه بعد انتهاء المهلة المحددة فان قوات الأمن العراقية لديها أوامر بإلقاء القبض على كل من يحمل السلاح وتسليمه للعدالة· ولكن الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الذي كان دعا إلى شن عصيان مدني من اجل الضغط على حكومة المالكي لاطلاق سراح عناصر مليشياته المعتقلة، طالب رئيس الوزراء العراقي بمغادرة مدينة البصرة التي حل بها قبل ثلاثة ايام واجراء مفاوضات لتهدئة الوضع المتوتر في جنوب العراق· وكان المالكي حل بالبصرة للاشراف شخصيا على عملية عسكرية تهدف الى تحييد ميليشيات جيش المهدي في هذه المدينة الاستراتيجية ووجه رسالة إلى أهاليها فور وصوله، اكد من خلالها ان حكومته ستفي بالتزاماتها القانونية بدعم الحكومة المحلية في البصرة وستعمل على إعادة الأمن والاستقرار وفرض القانون في ثاني اكبر مدن البلاد· واتسع نطاق المواجهة أمس بين عناصر جيش المهدي وقوات الأمن العراقية ليصل إلى مدينة الصدر جنوب العاصمة بغداد بعد مدينة البصرة التي تشهد منذ اليومين الأخيرين اعنف المواجهات الدامية· وتجاوز عدد قتلى المواجهات التي اندلعت منذ فجر أمس في مدينة الصدر معقل جيش المهدي 20 قتيلا وأزيد من 115 جريحا في حصيلة تبقى مفتوحة أمام جميع الاحتمالات بسبب ضراوة المعارك· وكانت مدينتا البصرة والحلة شهدتا قبل يومين مواجهات عنيفة بين جيش المهدي وقوات الأمن العراقية خلفت مقتل 36 قتيلا وعشرات الجرحى بالتزامن مع دعوات أطلقها الزعيم الشيعي لبدء اعتصامات بأنحاء البلاد تمهيدا للعصيان المدني· وكان الصدر أعلن تجميد أنشطة جيش المهدي ووقف هجماته على القوات الأمريكية والجماعات الشيعية المنافسة بعد اشتباكات دموية بين الطرفين في كربلاء اتهمت على إثرها القوات الأمريكية جيش المهدي بتهديد استقرار العراق والتورط في عمليات عنف مذهبية· وكان دعا في بيان له أول امس جميع العراقيين لتنظيم اعتصامات في جميع أنحاء البلاد كخطوة أولى وهدد بأن الخطوة الثانية ستكون إعلان العصيان المدني في العاصمة والمحافظات الأخرى· كما هدد بخطوة ثالثة لم يكشف عن فحواها واكتفى بالقول انه من المبكر الكشف عنها في محاولة للضغط على حكومة المالكي التي كانت تسعى في الفترة الاخيرة للدفع بعملية المصالحة الوطنية نحو الامام لكنها لم تنجح في ظل الاختلافات الطائفية المستمرة· وكان أفراد من جيش المهدي قد بدأوا ما وصفوه بحملة عصيان مدني في بغداد قبل يومين وأجبروا المتاجر على إغلاق أبوابها في الوقت الذي خرج فيه العشرات في مظاهرات تطالب بالإفراج عن الصدريين المعتقلين· وفي الوقت الذي اشتدت فيه حدة المواجهات بين جيش المهدي والقوات العراقية لقي ثمانية مدنيين مصرعهم من بينهم قاض، اثر قصف جوي شنته طائرة حربية امريكية في مدينة تكريت مسقط رأس الرئيس العراقي الراحل صدام حسين· وقال مصدر أمني عراقي رفض الكشف عن هويته أن ضحايا القصف ينتمون لعائلة واحدة كانوا متواجدين في المنزل لحظة استهدافه من قبل القوات الأمريكية· واقر الجيش الأمريكي بشنه للقصف وقال انه خلف عددا من القتلى والجرحى المدنيين دون أن يحدد حصيلته·