اضطرت الحكومة العراقية إلى فتح أبواب الحوار مع ميليشيا جيش المهدي التابع للزعيم الشيعي مقتدى الصدر، في مسعى لاحتواء الوضع العسكري الذي انزلق فجأة في مدينة البصرة وانتقل إلى مدن جنوب العراق الأخرى·
وكشف صلاح العبيدي المتحدث باسم التيار الصدري في مدينة النجف أمس عن بدء مفاوضات بين التيار ووفد من الحكومة العراقية يترأسه الجنرال حسين الأسدي منذ مساء أول أمس بهدف التوصل إلى تسوية سلمية تنهي الإقتتال الدائر بين عناصر ميليشيا جيش المهدي والقوات العراقية المدعومة بنظيرتها الأمريكية· وقال أن المفاوضات تسير في الإتجاه الصحيح وعرفت تقدما ايجابيا دون أن يقدم أية توضيحات أخرى·ويأتي الكشف عن هذه المفاوضات، في الوقت الذي دعا فيها الزعيم الشيعي مقتدى الصدر عناصر مليشياته الانسحاب من الشوارع والعودة الى مواقعهم لتسهيل هذه المفاوضات· وقال الصدر في بيان صدر عن مكتبه بمدينة النجف" اننا نريد من العراقيين أن يوقفوا هدر دماء بعضهم البعض وأن يدافعوا عن استقلالهم واستقرار بلدهم ولهذا قررنا الانسحاب من شوارع البصرة وباقي المدن التي شهدت في الأيام الأخيرة مواجهات دامية"· وكان مقتدى الصدر دعا في وقت سابق رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى التفاوض من أجل ايجاد حل سلمي ينهي إراقة دماء العراقيين، ولكن المالكي رفض الدعوة في حينها وذهب إلى منح عناصر الميليشيات المسلحة مهلة لتسليم أسلحتهم مقابل إغراءات مالية وهو العرض الذي رفضته الميلشيات المسلحة، بدليل استمرار المواجهات الى غاية أول أمس في مدينة البصرة والعاصمة بغداد ومدن أخرى في جنوب البلاد· والواضح أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يكون قد اضطر إلى الجلوس إلى طاولة التفاوض مع التيار الصدري بعدما وجد نفسه في مأزق اسمه تحدي جيش المهدي وعجزت قواته الأمنية على فرض السيطرة على الميلشيات الشيعية في البصرة ثاني أكبر المدن العراقية· ودليل ذلك أيضا لجوء هذه القوات للاستعانة بنظيرتها الأمريكية في مسعى لفرض سيطرتها الأمنية في المناطق المتوترة· وأعلن الجيش الأمريكي أمس عن تدخل وحدة عسكرية برية في المواجهات مع الميلشيات المسلحة إلى جانب القوات العراقية في مدينة البصرة· وقال أن العملية العسكرية التي تمت أول أمس في مدينة البصرة بالتنسيق مع القوات العراقية أسفرت عن مقتل 22 شخصا من عناصر جيش المهدي· وكانت مدينة البصرة شهدت منذ 25 مارس الجاري إندلاع مواجهات دامية بين عناصر جيش المهدي والقوات العراقية انتقل رحاها إلى العاصمة بغداد والمدن الجنوبية خلفت سقوط أزيد من 230 قتيلا ومئات الجرحى في ظرف خمسة أيام· واندلعت هذه المواجهات على خلفية العملية العسكرية التي أعلن عنها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بهدف القضاء على العناصر المسلحة في البصرة· ولكن التطورات الأمنية الخطيرة دفعت بالمالكي إلى التأكيد على أن عملية صولة الفرسان التي أشرف على تنفيذها بنفسه ليست موجهة ضد العناصر جيس المهدي تحديدا وإنما الهدف من خلالها استهداف ما وصفها بالعناصر الاجرامية الارهابية التي تهدد أمن المدينة بما استوجب القضاء عليها· ولكن الحكومة العراقية اشترطت منذ عدة أشهر ضرورة نزع سلاح جيش المهدي باعتباره قوة عسكرية لا تخضع للمراقبة في مسعى الى إنهاء كل مظاهر التسلح في شوارع المدن العراقية وبالتالي إمكانية فرض سيطرتها الأمنية· غير أن مقتدى الصدر، الذي رفض تسليم أسلحة ميليشياته إلا لدولة تكون قادرة على إخراج قوات الاحتلال من الأراضي العراقية، اتهم المالكي مرارا بأنه عميل للولايات المتحدةالأمريكية وطالبه بالاستقالة·