تزداد قناعة الفلسطينيين أكثر من أي وقت مضى بضرورة الاعتماد على أنفسهم من أجل افتكاك اعتراف دولي بدولتهم المستقلة القائمة على حدود 1967 وعاصمتها القدس. وهي القناعة التي جعلتهم يؤكدون إصرارهم على التوجه إلى الجمعية العامة الأممية شهر سبتمبر المقبل لطلب الاعتراف بدولة فلسطين رغم التهديدات الإسرائيلية والتحذيرات الأمريكية من مغبة القيام بمثل هذه الخطوة. لكن الرئيس الفلسطيني محمود عباس جدد التأكيد أمس أن الشعب الفلسطيني أشد عزما وتصميما على إقامة دولته المستقلة على حدود 67 بعاصمتها القدس. وقال خلال استقباله وفدا رياضيا وآخر إعلاميا عربيا في مقر الرئاسة بمدينة رام الله ''إن لكم جميعا مكانة قوية في نفوسنا لأنكم تجسدون معنا وحدة الموقف العربي تجاه فلسطين ومشاركتنا العزم على إقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة على حدود 67 بعاصمتها القدس''. وأكد أن ''شعوب العالم تؤيد القضية الفلسطينية ونحن نصادف أينما ذهبنا تأييدا كاملا في البرازيل وتشيلي والأرجنتين وغيرها والوقوف إلى جانب شعبنا على مختلف الأصعدة''. ويعتمد الجانب الفلسطيني على الدعم الدولي لإعلان دولته خاصة وأن حلم الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة حظي بتأييد عديد الدول وبالتحديد دول أمريكا اللاتينية التي لم تنتظر موعد انعقاد الجمعية العامة الأممية لتعترف بدولة فلسطين. وهي اعترافات لم ترق لإسرائيل ولا لحليفتها الولاياتالمتحدة التي لم تخف انزعاجها من المسعى الفلسطيني فجاء خطاب الرئيس الأمريكي باراك اوباما الخميس الأخير باتجاه الشرق الأوسط مجحفا في حق الفلسطينيين. فرغم انه ولأول مرة يتطرق فيها الرئيس اوباما إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود 67 كما يطالب بذلك الفلسطينيون لكنه بالمقابل أبقى على وجهة النظر الأمريكية بخصوص تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي عن طريق حل الدولتين بإقامة دولة إسرائيلية شدد على أهمية ضمان أمنها ودولة فلسطينية تكون منزوعة السلاح. وأثار الموقف الأمريكي غضب إسرائيل التي ردت سريعا على خطاب اوباما برفضها إقامة دولة فلسطينية على حدود 67 . ورد نبيل شعث عضو اللجنة المركزية بحركة فتح على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي أن بنيامين نتانياهو وبتلك التصريحات يظهر عدم وجود أي رغبة لديه للوصول إلى تسوية نهائية للصراع في المنطقة. وقال ''إن نتانياهو يريد الإبقاء على تواجد عسكري على نهر الأردن بالضفة الغربيةالمحتلة ويريد ضم الكتل الاستيطانية ويريد ضم القدس ولا يريد عودة اللاجئين الفلسطينيين ثم يقول تعالوا نتحدث عن السلام، عن أي سلام يتحدث''. واعتبر أن العنصر الإيجابي الأهم في خطاب الرئيس الأمريكي هو حديثه عن دولة فلسطينية على حدود 1967 مع تبادل للأراضي مشيرا إلى أن نتانياهو في كلامه نسف هذا الأمر من أساسه. ولأن الرئيس الأمريكي تبنى الرؤية الإسرائيلية الرافضة للمصالحة الفلسطينية فقد سارعت تمارا ويتس مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون إلى شرح الموقف الأمريكي بخصوص حكومة الوحدة الفلسطينية المقبلة. وقالت إن الحكم على هذه الحكومة سيكون من خلال رؤية تشكيلتها وبرنامجها. وأضافت انه ''لكي تكون أية حكومة فلسطينية شريكا بناء في العملية السياسية فإنها ستحتاج للالتزام بالمبادئ الأساسية للعملية السلمية''. وهي المبادئ التي قالت إنها تتمثل في الالتزام باحترام الاتفاقات الموقعة بين الفلسطينيين والإسرائيليين''. ولقي إعلان الرئيس الأمريكي إقامة دولة فلسطينية على حدود 67 ترحيبا دوليا، حيث أعرب وزير الخارجية الياباني ''تاكياكى ماتسوموتو'' عن تأييد حكومة بلاده لسياسة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إزاء الشرق الأوسط. وقال إن ''حكومة اليابان تؤيد سياسة الرئيس الأمريكي الرامية إلى دعم الإصلاحات السياسية والاقتصادية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وأبدى استعداد بلاده ''للتعاون مع الولاياتالمتحدة والمجتمع الدولي لمساعدة دول المنطقة على التحول إلى مجتمعات ديمقراطية وسلمية ومتسامحة وتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة''. ونفس الموقف أعرب عنه الرئيس التركي عبد الله غول الذي وصف الخطاب بأنه ''خطوة هامة للغاية'' ممتدحا بشدة موقف اوباما حيال ثورتي مصر وتونس. كما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون دعمه القوي لرؤية أوباما للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وقال إن ''الرئيس أوباما قدم في خطابه بشأن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا آراء مهمة يمكن أن تساعد في دفع محادثات السلام وتتوافق مع المواقف الدولية والاستجابة لمخاوف الطرفين المشروعة''. بالتزامن مع ذلك أكدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ''أونروا'' أن نقص التمويل قد يوقف الجهود الرامية إلى توفير الرعاية الصحية الملائمة وبأسعار معقولة لخمسة ملايين لاجئ فلسطيني. وأضافت ''الأونروا'' في تقريرها السنوي الذي أوردته إذاعة الأممالمتحدة أمس ''إنه على الرغم من أن تقدما ملحوظا قد أحرز في تحسين الوضع الصحي للاجئين الفلسطينيين على مدى العقد الماضي، إلا أنها لم تتمكن من الحفاظ على المستويات المثلى من الرعاية الطبية والمساعدة للفلسطينيين وبشكل متزايد''.