مازال الغموض التام يكتنف الوضع الصحي للرئيس اليمني علي عبد الله صالح وخاصة بعد نقل خمسة من أقرب مساعديه إلى العلاج في العربية السعودية بعد أن تعذر ذلك عليهم في المستشفيات اليمنية. وكان نقل الوزير الأول علي محمد مجور إلى العاصمة السعودية على جناح السرعة بمثابة الخبر الذي أجج الإشاعات حول مصير الرئيس اليمني وخاصة وأنه سبق له وأن تعهد بتنظيم ندوة صحفية للكشف عن بعض الحقائق التي أحاطت بعملية استهدافه قبل أن يتم إلغاؤها دون أن تتمكن السلطات اليمنية من تقديم مبررات مقنعة حول هذا الإلغاء. وكان الرئيس اليمني وأعضاء من حكومته ونواب في البرلمان تعرضوا لقصف مدفعي في مسجد القصر الرئاسي خلال تأديتهم لصلاة الجمعة ما أدى إلى مقتل أربعة من عناصر الحرس الجمهوري وإمام المسجد في وقت أكدت فيه مصادر رسمية في حينها أن الرئيس علي عبد الله صالح ووزيره الأول أصيبا بجروح خفيفة لا تستدعي القلق. ونقل إلى العربية السعودية بالإضافة إلى الوزير الأول اليمني كل من رؤساء غرفتي النواب يحيى الراعي والمجلس الاستشاري عبد العزيز عبد الغني ونائب الوزير الأول للشؤون الداخلية صادق أمين أبو رأس بعد أن تعرضوا لجروح متفاوتة في عملية استهداف القصر الرئاسي. ونقلت مصادر طبية يمنية لم تشأ الكشف عن هويتها أن الرئيس علي عبد الله صالح مازال في المستشفى العسكري بالعاصمة صنعاء وأن حالته مستقرة ولا تبعث على القلق. وأجمعت كل التعاليق التي تلت هذه الحادثة أن الرئيس اليمني كان مستهدفا بعملية اغتيال على خلفية مواقفه الرافضة للتنحي واتهم فيها عناصر قبيلة حاشد التي تخوض مواجهات دامية مع القوات النظامية بعد تعرض مقر إقامة زعيمها الشيخ الصادق الأحمر لعملية قصف مدفعي قبل أسبوع من الآن. وكانت تلك الحادثة بمثابة فتيل لمواجهات تكاد تتحول إلى حرب أهلية حقيقية بين أنصار الرئيس صالح وموالين لشيخ القبيلة المكورة التي تعد إحدى أكبر القبائل الفاعلة في اليمن. وحمل الرئيس اليمني مسؤولية محاولة اغتياله إلى الصادق الأحمر وهو ربما الذي أدى إلى شن القوات النظامية أمس لعمليات قصف مكثف لمقر إقامة هذا الأخير إلى الجنوب من العاصمة صنعاء في وقت مازال فيه شارع الحصبة في شمالها ولليوم الخامس على التوالي مسرحا لأعنف المواجهات استعملت فيها قذائف الهاون والأسلحة الرشاشة مما أعطى الاعتقاد أن البلد دخل فعلا في حرب أهلية حقيقة دفعت بمئات من سكان الحي إلى مغادرته فرارا من القوة التدميرية للأسلحة المستعملة. ودفع احتدام المواجهات بين آل الأحمر والقوات النظامية الموالية للرئيس عبد صالح بعدة فعليات سياسية يمنية إلى التحذير من مخاطر اندلاع حرب أهلية لا يمكن التحكم فيها في حال اشتعال فتنتها. وطالبت المعارضة البرلمانية أمس من الدول ''الشقيقة'' والمجموعة الدولية إلى القيام بتحرك عاجل لإنقاذ اليمن وشعبها من مخاطر الانزلاق في متاهة حرب أهلية حقيقية. واستنكرت هذه الأحزاب ما أسمته بالانزلاق الخطير للوضع بعد أن شرع في استهداف مقرات سكنية وأحياء شعبية والقصر الرئاسي ومنشآت حيوية بعمليات قصف غير مقبولة. وفي محاولة أخرى لاحتواء هذا الوضع كشفت مصادر إعلامية يمنية أمس قيام السعودية بوساطة لوقف إطلاق النار المستمر منذ أسبوعين بين قوات الرئيس اليمني علي عبد الله صالح والزعيم القبلي صادق الأحمر. وشرع في هذه المساعي منذ مساء الجمعة ولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبد العزيز ومكنت من التوصل إلى اتفاق لعقد هدنة لوقف إطلاق النار بين الطرفين المتناحرين''. وأوضحت المصادر أن هذه الوساطة تضمنت أن يلتزم الطرفان بوقف لإطلاق النار في جميع جبهات القتال وهو الالتزام الذي حققه الأمير سلطان بن عبد العزيز بعد اتصالات أجراها مع الرئيس صالح والشيخ صادق الأحمر.