مازال فن الطرز المميز بأشكاله وألوانه وخيوطه الذهبية شاهداً على حضارات عاكسة للمنتوج الفني لعدة أجيال، حيث أن ريح العصر لم تقتلع جذور حرفة شعبية أصيلة، إذ أن تصاميمها المبتكرة تجعلها مطلوبة عند الجمهورالذي يفهم لغة الإبرة والخيط.. وفي هذا الموسم بالتحديد، يكثر الطلب على منتجات هذا الفن التي يعرف الإقبال عليها ركودا في باقي مواسم السنة بشهادة بعض فنانات الطرز ممن التقت بهن ''المساء'' خلال المهرجان الثاني لإبداعات المرأة. تتم عملية التطريز على الأثواب والستائر والأغطية ومختلف مستلزمات البيت التي تستخدم للزينة، وينفذ التطريز على القماش بواسطة خيوط الحرير أوالذهب أو الفضة. وبقي فن التطريز إلى حد الساعة واحداً من الفنون الشعبية المنتشرة بين مختلف شرائح المجتمع، واتخذ أوجها متعددة بعد أن اعتراه تطور كبير بفضل ظهورآلات أكثر تطوراً، أحدثت نقلة نوعية في تقنيات التطريز لدى الرجال والنساء على حد سواء ممن يعملون في هذا النشاط. فهو فن يمارسه الرجال والنساء على حد سواء،لكن النساء أكثر بروزا في هذا المجال، فالمرأة تطرز حاجياتها الضرورية في المنزل أوتعرضها للبيع أوتهديها...وتختلف التصاميم والإبداعات من منطقة إلى أخرى، حسب ما يمليه الخيال الفني على كل واحدة منهن. وفيما تقر العديد من فنانات الطرز بأن التسويق من أهم المشاكل التي تعترضهن، خاصة في ظل افتقار الكثيرات منهن إلى محل لعرض القطع المطرزة، يتغير الحال في هذا الفصل لتعرف تجارة المطرزات إنتعاشا ملحوظا. وفي هذا الشأن، تقول الحرفية فوزية سمانة من المدية:'' يكون الإقبال على المطرزات عادة ضعيفا خلال مختلف أيام السنة في ظل غزو النسيج الصيني للأسواق، لكن الحال يختلف في الصيف، حيث يتذكرها الكثيرون ممن يرغبون في تقديم الهدايا للأحباء من عبق الماضي، لاسيما الأجانب الذين يولعون بفن التطريز. أما الحرفية فاطمة بتبات، فتسجل إقبالا ملحوظا على منتجات الطرز الفنية على مدار أيام السنة، غير أن الطلب يبلغ ذروته في فصل الصيف من قبل الفتيات المقبلات على الزواج، مجاراة للعادة التي تقتضي أن لا يخلو جهاز العروس من قطع النسيج المطرزة، ونظرا لتمسك سكان المنطقة بالتقاليد. نفس الانطباع تحمله الحرفية وردية سكري من تيزي وزو، وهي مبدعة تنتقل من الطرز إلى التصميم والخياطة.. تستوحي عملها من الأشكال المعتمدة في الفخار القبائلي، التي عايشتها في صغرها وطورتها اليوم، لتتأرجح بين التقليدي والعصري.. وهي الآن تعرض أشكالها على أزياء ولواحق أخرى من إبداعها، وكذلك على أثاث ولوحات وستائر.. وجاء على لسانها:'' أسجل غالبا طلبيات خلال الفترة الممتدة من مارس إلى ديسمبر، لكن حصة الأسد من المبيعات تسجل في فصل الصيف، خاصة عندما أشارك في المعارض.س وتحدد الحرفية نعيمة بوقبري من العاصمة أن البرنوس، أدوات الحمام وأغطية الأسرة والموائد من أكثر المنتجات المطرزة التي يكثر عليها الطلب من طرف الزبائن، وما أكثره من النسوة المقبلات على الزواج ومن الأشخاص الذين يحبذون تقديم هدايا ذات لمسات تقليدية، نظرا لما تحمله من قيمة. وتضيف الحرفية جميلة طوراش من قسنطينة أن البعض يفضلون إهداء ''القفطان''.. كما أن العرائس متمسكات ب''قندورة القطيفة والعدس''، خاصة وأنها تجتهد في المحافظة على الطرز القسنطيني بخيط الذهب والفضة المستوحى من الأرابيسك الشرقي. أما فتيحة كانوني المتخصصة في الطرز التقليدي لمدينة عنابة، فتؤكد هي الأخرى أنه في غياب محل لها يصعب تسويق منتجاتها، منبهة إلى أن حبها للحرفة هو الذي يمنح لها القدرة على الصمود لمواصلة مشوارها في عالم الطرز.. ولحسن الحظ كثرة المناسبات في الصيف يفتح أبواب الرزق في وجود عدة أناس يفضلون تقديم القطع المطرزة كهدايا لأصحاب المناسبات السعيدة-.