بعض القنوات الفضائية العربية المكلفة بمهمة إشعال الفتن في الأوطان العربية، لا تفرق أصلا بين الثورة والاحتجاج أو التظاهر، وأصبح أي خبر يصلها عن احتجاج في هذا المجتمع العربي أو ذاك، يتحول بقدرة قادر إلى ثورة ضد النظام! إن الاحتجاجات تحدث في كل المجتمعات إلا في تلك التي تقمع الحريات ولا تسمح بالرأي المخالف للسلطات، وآخر ما قرأت أن مئات المتظاهرين الأمريكيين قضوا ليلتهم في حي وال ستريت بنيويورك، احتجاجا على الفساد المالي والرشوة والاقتطاعات من الميزانيات الاجتماعية، فهل تسارع هذه القنوات إلى بث ''خبر عاجل'' عن بداية الثورة ضد النظام في الولاياتالمتحدة الأمريكية؟ وهل ما تقوم به هذه الفضائيات هو عمل إعلامي أم أن هذا العمل الإعلامي يخبئ وراءه مهاما أخرى لأهداف سياسية تحدد بدقة في مخابر عسكرية؟ إن الحقيقة أصبحت واضحة للعيان، وانكشفت كل الأدوار لتحريك الشارع العربي تحت ذريعة الثورة ضد الظلم والاستبداد، وكأن الاستبداد منحصر في منطقة المغرب العربي الكبير فقط !؟ رغم أن ما هو موجود من حريات في بعض بلدان المنطقة لا وجود له في غيرها من البلدان العربية. والجزائر من الطبيعي أن تشهد احتجاجات لمواطنين على أوضاعهم الاجتماعية، أولا لأن مثل هذه الممارسات مضمونة للمواطن ليعبر عن رأيه ويحتج ويطالب، وثانيا لأن المجتمع الجزائري به أحزاب سياسية تتنافس وتعارض السلطة وإعلام يتمتع بهامش واسع من الحرية والانتقاد ولا يواجه قمعا ولا لجما للأفواه. ثم أن المواطن الجزائري طالب عام 1988 بالحريات والديمقراطية وتحققت له طموحاته، واليوم يطالب بالماديات كالسكن والشغل وهي مطالب مشروعة من أجل أن يضمن العيش الكريم. وفي المقابل فإن السلطات سائرة في توفير هذه المتطلبات ولا تحرجها الاحتجاجات مادامت تعبيرا مشروعا عن انشغالات طبيعية وممارسة ديمقراطية مشروعة.