يتوقع أن تصبح الجزائر، في المستقبل القريب، قطبا للصناعة الصيدلانية بالنسبة للشرق الأوسط والقارة الإفريقية ككل، وستحتضن هذا القطب مدينة سيدي عبد الله بالجزائر العاصمة، على غرار سنغافورة بالنسبة لمنطقة آسيا وإيرلندا لأوروبا. ويأتي هذا المسعى بعد أن قررت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات تقليص حجم وارداتها من الأدوية والمواد الصيدلانية، والأكثر من ذلك، البحث عن شركاء جدد من أجل بعث نشاط استثماري متين مبني على الاستفادة من خبرة أهم المخابر العالمية ونقلها إلى الجزائر، ولعل الطرف الأمريكي يعد من أهم المتحمسين لبناء علاقات جدية في هذا الإطار، وقد اختار الأمريكيون الجزائر آخذين بعين الاعتبار الخصائص الاقتصادية والسياسية والوسائل البشرية والمادية بالإضافة إلى الوضع الجغرافي للبلاد. وفي هذا الصدد، تحادث وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات السيد جمال ولد عباس، يوم الجمعة المنصرم، بواشنطن، مع كاتبة الدولة الأمريكية المكلفة بالصحة السيدة كاثلين سيبليوس حول سبل إعطاء دفع جديد للتعاون في قطاع الصحة بين الجزائر والولايات المتحدة. واستعرض السيد ولد عباس والسيدة سيبليوس، خلال جلسة عمل عقدت بمقر الوزارة الأمريكية للصحة بالعاصمة الفدرالية، وضع العلاقات الثنائية في المجال الطبي والأبحاث والتنمية وبحثا سبل ووسائل تعزيز التعاون بين البلدين في هذا المجال. كما نوه الوزيران بانعقاد أول منتدى جزائري أمريكي حول المواد الصيدلانية في جوان الفارط بالجزائر العاصمة توج بتوقيع مذكرة تفاهم بين وزارة الصحة الجزائرية والمجمعات الصيدلانية، حيث أبدى السيد ولد عباس والسيدة سيبليوس رغبتهما في العمل على إرساء شراكة تعود بالفائدة المتبادلة على البلدين وتقوم خاصة على البيوتكنولوجيا. وجرى هذا اللقاء بحضور سفير الجزائربواشنطن السيد عبد الله باعلي وأعضاء من الوفد الوزاري الجزائري. وقبل أن يجري زيارة عمل إلى واشنطن، كان السيد ولد عباس قد قام بزيارة يومي الأربعاء والخميس إلى بوسطن. وبعاصمة ولاية ماساشوسيت زار الوزير عدة مخابر أبحاث تابعة لشركات صيدلانية وعقد جلسات عمل مع شخصيات سياسية وعلمية على غرار سيناتور ماساشوسيت وعميد معهد هارفارد للطب ورئيس جامعة نورث أسترن ومع مسيري شركات أمريكية للصناعة الصيدلانية. وكان المنتدى الجزائري الأمريكي حول المواد الصيدلانية الذي عقد في جوان الفارط قد توج بالتوقيع على بروتوكول اتفاق في مجال البيوتكنولوجيا وإنتاج الأدوية من شأنه أن يفسح المجال أمام الجزائر لتصبح قطبا إقليميا هاما في هذا المجال. وتحاول الجزائر التي تستورد حوالي ثلاثة أرباع احتياجاتها من الأدوية بقيمة تقدر بحوالي 2 مليار دولار سنويا تقليص فاتورة وارداتها من المواد الصيدلانية من خلال الزيادة التدريجية لحصة إنتاجها الوطني من الأدوية، فضلا عن البحث عن إرساء شراكات مع مخابر أجنبية. كما خصصت الحكومة 17 مليار دج موجهة لمؤسسة صيدال من أجل مضاعفة إنتاجها خلال السنوات المقبلة بهدف المساهمة في خفض الواردات وزيادة نسبة تغطية الاحتياجات عن طريق الإنتاج الوطني المقدر حاليا بنسبة 37 بالمائة.