هل الجزائر قادرة على تصنيع سفن الصيد البحري بمقاييس عالمية؟ وإذا كانت كذلك، هل هناك مشاريع في الأفق تمكن بلادنا من صناعة سفن بدل استيرادها قصد استغلال ثرواتنا السمكية؟ المدير العام للشركة الجزائرية لتطوير الصيد البحري "ساداب" السيد نور الإسلام بن عودية يؤكد ذلك ويكشف عن مشاريع ستنطلق قريبا· من بين المشاريع الهامة التي ستنطلق المؤسسة في تجسيدها، بناء السفينة الجزائرية التاريخية "الشباك" التي يعود تاريخها إلى القرن الثامن عشر· ولم يخف السيد بن عودية انتقاده لأداء البنوك، التي قال أنها تحول دون دفع المشاريع الاستثمارية في قطاع الصيد البحري، رغم الأهمية التي توليها لها الدولة· وأوضح السيد نور الإسلام بن عودية في لقاء خص به "المساء" أن قطاع الصيد البحري في الجزائر يعد من أهم القطاعات المنتجة للثروة والموفرة لليد العاملة وهو قطاع يتجه في إطار السياسة التي "تعتمدها الدولة إلى تحقيق الإكتفاء الذاتي وتوفير الأمن الغذائي المرتبط بالثروة السمكية"· ويتم ذلك يضيف محدثنا بالإعتماد على القدرات المحلية، من حيث اليد العاملة والمادة الأولية في التصنيع، ويتجه العمل حاليا، حسب السيد بن عودية نحو تجديد الأسطول البحري للصيد البحري الذي طال القدم 90 % منه، على اعتبار أنه لم يعرف التجديد منذ 1962· وحسب محدثنا، فقد دخلت الجزائر خلال الاستثمار الخاص منذ أقل من سنتين في تصنيع سفن الصيد محليا، وهذا بعد أن كانت تستورد من الخارج خاصة من مصر وتونس، وهو ما من شأنه توفير العملة الصعبة· وانطلقت مؤسسة "ساداب" لتطوير الصيد البحري التي تأسست مطلع التسعينيات في صناعة السفن محليا، وهي تعتمد على يد عاملة مؤهلة ذات خبرة كبيرة تفوق 40 سنة وهي حاليا قادرة على تصنيع سفن تعتمد النوعية في الإنجاز والمقاييس العالمية· والأكثر من ذلك فهي مؤهلة لمنافسة الصناعة الأجنبية في هذا المجال، وأسعارها جد معقولة مقارنة بتلك التي كانت تستورد من الخارج، وتستغرق مدة صناعة هذه السفن حسب محدثنا 6 أشهر لاأكثر· في حين أن المستثمرين في القطاع كانوا في الماضي يضطرون إلى انتظار أكثر من سنتين لاستيراد سفنهم بالعملة الصعبة ودفع خلال هذه المدة فوائد على هذا التأخر لصالح الدول المصنعة للسفن والقوارب المعنية بصفقة الشراء وهو ماكان يثقل كاهل مستثمرينا بأعباء إضافية "مفتعلة"· من جانب آخر، طرح السيد سعيد رمضان بن عودية أحد مؤسسي الشركة مسألة تماطل البنوك في تمويل المشاريع المدرجة في إطار دعم تشغيل الشباب والخاصة بقطاع الصيد البحري، مؤكدا أن القطاع ورغم احتلاله الأهمية في برنامج رئيس الجمهورية إلا أن الإستثمار فيه خاصة ما يتعلق بالصيد يواجه عقبات كبيرة في مجال تمويل المشاريع وهذا رغم اكتمال جميع الشروط المرتبطة بأي طلب تمويل، منها دعم الوزارة الوصية والمتمثلة في وزارة الصيد البحري والموارد المائية التي تصل نسبته إلى 30 % من إجمالي كلفة الإستثمار ووجود ضمانات كافية لتحرير القروض ونسبة مشاركة طالبي هذه القروض لكن دون جدوى، وتصل عدد الملفات المطروحة على مستوى المؤسسة لاقتناء سفن بهدف الإستثمار في مجال الصيد البحري يضيف مصدرنا "50 ملفا لا يزال أصحابها في انتظار رد البنوك، وهذا رغم أن الأمر من شأنه توفير ثروة سمكية معتبرة"· من جانب آخر كشف محدثنا عن وجود مشروع لصناعة السفن المختصة في صيد سمك التونة بالشراكة مع شركة كورية متخصصة ، وقد تحصلت المؤسسة على قطعة أرض بميناء أزفون بولاية تيزي وزو لتجسيد المشروع، كما أدرجت المؤسسة ضمن برنامج عملها مشروع صناعة الباخرة الجزائرية التاريخية "الشباك" التي يعود تاريخ صناعتها إلى القرن ال 18 وكان لها دور كبير في تاريخ الأسطول الجزائري، وسيمكن هذا الإنجاز المرتقب من إحياء أحد شواهد العصر الذهبي للبحرية الجزائرية وقد تمكنت المؤسسة حسب محدثنا من الحصول على نسخة من مخطط الباخرة من الأرشيف الفرنسي·