تأخر حوالي ثمان مائة سباح ينتمون لثمانية أندية عاصمية عن خوض منافسات الموسم الجاري ولم يتمكنوا حتى من الانطلاق في التدريبات، ويعود سبب هذا الوضع إلى قيام إدارة المركب الرياضي لمحمد بوضياف برفع القيمة المالية لحقوق التسديد المطبقة لاستغلال مسبحي أول ماي و5 جويلية، حيث عجزت هذه الأندية عن دفعها مرة واحدة وطالبت بتقليصها، لا سيما وأن إمكانياتها المادية محدودة ولا تسمح لها حتى بالاستجابة لكل متطلبات التسيير. وعادة؛ فإن مديرية الشباب والرياضة والتسلية لولاية الجزائر هي التي تتكفل بدفع هذه المستحقات عوض الأندية وذلك بأمر من وزارة الشباب والرياضة، لكنها أبت هذه المرة القيام بهذا الإجراء بعد أن رفع مسؤولو مركب محمد بوضياف سقف المستحقات المالية لحقوق الدفع، ليبقى السباحون ضحية قرارات ارتجالية لا تمت بأية صلة إلى روح المسؤولية، لا سيما وأن الأمر يتعلق برياضة تسعى إلى استرجاع مكانتها على المستويين القاري والعربي. مشهد يتكرر كل بداية موسم وقد أصبح هذا المشهد يتكرر كل سنة وعادة ما تنجر عنه انعكاسات سلبية على المستوى الفني للسباحين مثلما حدث في الألعاب الإفريقية الأخيرة التي جرت بمابوتو، حيث لم تتجاوز حصيلة المنتخب الوطني الجزائري ثلاث ميداليات والتي كشفت عن التباين الكبير في المستوى بين الجزائر والبلدان الإفريقية التي تنافسنا في هذه الرياضة. وسعيا للوقوف على هذا الوضع ومعرفة خباياه الحقيقية؛ اتصلنا ببعض الأطراف التي لها دراية بهذا المشكل، وكانت البداية مع الأمين العام لرابطة الوسط للسباحة، السيد عثمان بغداد الذي قال في البداية: ''الأندية الممنوعة من ممارسة السباحة على مستوى مسبحي أول ماي و5 جويلية لم تحاول أبدا الضغط على إدارة المركب الرياضي لكون هذه الأخيرة مؤسسة ذات طابع تجاري وصناعي ومن حقها أن تستفيد ماليا مقابل السماح باستعمال أروقة المسبحين، لكن أظن أن هناك سوء تفاهم حاصل بين المعنيين بهذا الوضع لم يسمح لحد الآن بإيجاد حل سريع لمشكل السباحين الذين تأخروا عن خوض منافسات الموسم الرياضي. فلماذا لا يتم فتح أبواب المسابح وفي نفس الوقت تباشرا لأطراف المتنازعة الحوار وتلتزم فيما بينها بإيجاد حل سريع يرضي الجميع، وسيسمح هذا السلوك الحضاري للأندية من استدراك الوقت الذي فات سباحيها في مجال حجم التنافس والتدريبات، وفي رأيي لا يمكن الوصول إلى أي اتفاق في حال ما إذا لم يصل الجميع إلى الحد الأدنى من التفاهم''. محدثنا تأسف لكون السباحة الجزائرية الخاسر الأكبر في كل ما يحصل، قائلا إن السباحين ضيعوا لحد الآن اثني عشرة منافسة وهو العدد الذي يعادل المرحلة الأولى من التحضيرات بالنسبة للأندية الطموحة في الفوز بمختلف ألقاب البطولة. أندية عاجزة عن دفع تكاليف مالية باهضة ويرى أمين عام رابطة الوسط للسباحة أن إدارة المركب الرياضي تدرك جيدا أن الأندية عاجزة عن الاستجابة للإجراء الجديد الخاص بحقوق الدفع، ما عدا نادي المجمع الرياضي النفطي، موضحا أن الدولة أنجزت هذه المنشآت الرياضية لكي يستفيد منها الجميع وليس ثلة قليلة من الرياضيين الذين ليست لهم صلة بالمنافسة. وقد وجدنا رأيا آخر في الموضوع لدى المدير الفني لأولمبي الجزائر، السيد صالح شيباراكه الذي قال: ''من الطبيعي أن تعجز الأندية العاصمية عن دفع مستحقات استعمال المسابح ما دام أنها تتلقى ميزانية سنوية ضعيفة جدا لا تسمح لها حتى بتغطية نفقات تسيير فئاتها، فما بالك بتسديد 700 مليون لإدارة المركب الرياضي مثلما هو حاصل لنادينا، أظن أن الأندية العاصمية هي الآن ضحية الصراع الموجود بين مديرية الشباب والرياضة وإدارة المركب الأولمبي ولا ندري كيف ستتوصلان إلى الاتفاق لإنهاء هذا المشكل الذي نعاني منه منذ سنة 2007 وتذهب ضحيته الفئات الصغرى الممنوعة من ممارسة السباحة كون برنامجها دقيق ولا يسمح بتضييع الوقت، لأن هذا التوقف سينعكس على تطور مستواها التنافسي سواء على المدى البعيد أو القريب، فكيف نسمح بتضييع شبان يعدون مستقبل السباحة الجزائرية، لقد استقبلت الجزائر منذ ثلاثة أشهر البطولة العربية للسباحة الخاصة بالفئات الصغرى وتحصلنا على المركز الثالث وراء بلدان كانت في وقت قريب لا تمارس فيها رياضة السباحة، أليس هذا دليلا على أننا تأخرنا كثيرا في التكوين وينبغي التكفل بالقاعدة في أقرب وقت ؟''. الخوف من انسحاب جماعي من منافسات البطولة من جهته؛ قال عضو الاتحادية الجزائرية للسباحة محمد اسماعيل في اتصال هاتفي معنا أنه من غير المعقول أن تبقى أروقة المسابح العمومية المخصصة للمنافسة الوطنية ممنوعة على سباحي الأندية العاصمية التي تعد خزان السباحة الجزائرية، مشيرا إلى أنه يتعين على السلطات العمومية التدخل بسرعة لإنهاء هذا المشكل الذي يضر بهذه الرياضة، وقد عبر محدثنا عن خشيته من أن تلجأ الأندية العاصمية للسباحة إلى الانسحاب من منافسات هذا الموسم في ظل استمرار صمت السلطات العمومية المكلفة بالقطاع الرياضي.