جاء تصريح أحد المرشحين للرئاسيات الأمريكية المقبلة ليعيد قضية فلسطين إلى عهد ما قبل ''صناعة'' الكيان الصهيوني من عشرينيات القرن الماضي، حيث كان ينظر إلى فلسطين بأنها أرض بلا شعب، وإلى اليهود بأنهم شعب بلا أرض وبحكم المنطق الصهيوني فإن الأرض قد وجدت شعبها والشعب وجد أرضه. وقد ضرب المرشح الجمهوري نيوت جينجريتش عرض الحائط بكل الاتفاقيات والمساعي الرامية إلى حل النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي وعلى رأسها المبادرة العربية التي أعلن القادة الصهاينة وفاتها قبل حتى أن تعرض عليهم في وقتها، ويؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الولاياتالمتحدة والغرب من ورائها لا نية لها في حل هذه القضية بل تتعمد التسويف لربح الوقت لصالح إسرائيل حتى تضع يدها على كل شبر من جغرافية فلسطين السليبة وحتى تسيطر على مساحات محاذية لها داخل حدود ما عرف ببلدان الطوق وتعلنها مناطق معزولة لحماية أمنها. والأكثر من ذلك، جاءت هذه التصريحات العنصرية لتؤكد ما قيل في هذا الركن مرارا بأن الدولة العبرية أقيمت في فلسطين لتبقى فيها بالحرب قبل التفاوض وأن هذه القناعة هي عقيدة دينية قبل أن تكون حاجة سياسية أو اجتماعية أو إنسانية. وقيل أيضا في هذا السياق إن كل مرشح لرئاسة الولاياتالمتحدة لا يمكنه تحقيق مشروعه إلا من خلال الدعم المطلق لسياسة الكيان الصهيوني الرامية إلى تهويد فلسطين.. وها هو المرشح الجمهوري يسبق منافسيه إلى إعلان الولاء للاستراتيجية الصهيونية منذ الوهلة الأولى ويوفر على نفسه الوقت والجهد لاستمالة اللوبي اليهودي دبلوماسيا ويذكر العرب وأنصار القضية الفلسطينية بأن لا حل لهذا الصراع إلا بالتمكين للدولة العبرية وتهجير آخر مواطن فلسطيني. فكم من رئيس يجب أن يصل إلى البيت الأبيض مستغلا القضية الفلسطينية حتى يتفطن العرب بأن السلام المقترح مجرد كذبة حاولوا تصديقها بلا منطق ولا مسوغ، وبأنه سراب وقفوا على حقيقته في محطات عديدة، ومع ذلك يلدغون من الجحر الواحد عشرات المرات!