يتخذ السيد مسعود سمري من حي السويقة العتيق بوسط مدينة قسنطينة موقعا لبيع الادوات المستعملة داخل محله المتواضع لكنه غني بعينات متنوعة لأدوات نفعية كانت تستعمل في الماضي بالإضافة الى اخرى تصلح للديكور ذات قيمة كبيرة· فهذا المحل المتواضع يضم تحفا حقيقية يصلح بعضها لأن يحفظ في المتحف بدليل ان الكثير من ديكور فيلم بن بولعيد الجاري تصويره من طرف المخرج احمد راشدي يضم أدوات جمعها مسعود سمري صاحب هذا المتجر الكبير· والفضول يحتم دخول هذا المكان وتبادل الحديث مع عمي مسعود للاقتناع بأن هذا الفضاء الصغير يحكي قصة فريدة من نوعها لتاجر أدوات مستعملة الذي حال بفضل هوايته وصبره وحبه لحرفته دون ضياع او حتى نسيان أشياء أو أدوات اصبحت اليوم تصلح لأن تحفظ وتعرض بالمتحف بدل مكان آخر· ومن بين الأدوات التي يعتز بعرضها وتبرز مسيرته الثرية في هذا المجال تلك التي دعم بها متحف سيرتا بعد أن جمعها وأصلها الى درجة أنه أرجعها الى حالتها الأصلية· ويحكي مسعود سمري في هذا السياق بكبرياء مشروع كيف استطاع ان يتغلب على الاغراءات المادية بمعنى أنه كان بإمكانه ان يبيعها لمن طلب اكثر لكنه فضل في الاخير التنازل عنها لمتحف سيرتا خدمة لتاريخ البلاد بالرغم من أنه ما يزال يحن إليها بدليل ان يذهب لإلقاء نظرة عليها كلما تذكرها وأشتاق إليها· ومن بين هذه الادوات التي تنازل عنها لفائدة المتحف بندقية مصنوعة من الفضة نقشت عليها أبيات شعرية وقد تكون من البنادق الاولى التي صنعت في ارض الاسلام ومن الارجح ان تعود الى فترة حكم الدولة الحفصية· وتطرق عمي مسعود الى قصة انتزاعه هذه البندقية من شخص تكون في المجال العسكري بالمغرب إبان الوجود الفرنسي بهذا البلد أتى بها من تونس وكان يتأهب لحملها معه الى فرنسا خلال الرحيل الجماعي للمعمرين الفرنسيين من الجزائر غداة الاستقلال· وأشار هذا التاجر المتميز الى أن عديد القطع التي جمعها وأصلحها وارجعها الى حالتها الاصلية تحصل عليها من آخرين كانوا يجمعون مثل هذه التحف النادرة من بينهم معمرين عندما كانوا يغادرون الجزائر المستقلة· ويتذكر عمي مسعود الساعة الحائطية الكبيرة التي صنعت للتذكير بغزو مدينة وهران من طرف قوات الاحتلال الفرنسي والتي كاد مغربي ان يذهب بها الى بلده وبفضل الروح والغيرة الوطنية التي تسكنه نجح عمي مسعود في استرجاعها والحيلولة دون ضياع هذه الساعة ذات القيمة التاريخية الكبيرة والتي تعد حاليا من بين التحف الثمينة التي يحافظ بها ضمن مجموعة خاصة· بالاضافة الى اسهامه في انقاذ ادوات ثمينة من الضياع يقوم عمي مسعود كذلك بإصلاح اثاث قديم وهي هواية تسكنه معبرا في هذا الشأن إني اعشق اصلاح اثاث قديم بعد ان يصبح الجميع يعتقد انه لم يعد صالحا فأرجعه وبتفان وصبر كبيرين الى حالته الاصلية فتزداد قيمته التاريخية وهي الهواية التي ظلت تلازمه منذ حوالي 50 عاما داخل محله المتحف بشارع ملاح سليمان المعروف بنشاطه التجاري بحي السويقة العتيق· (واج)