أكد وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي السيد الطيب لوح، أمس، أنه سيتم إصدار قانون العمل الجديد خلال العهدة التشريعية المقبلة، مشيرا إلى أن هذا القانون سيحظى بانضمام الجميع، حيث سيأخذ بعين الاعتبار تحسن ظروف العمل والظرف الاقتصادي للبلاد. وأوضح الوزير أن إعداد هذا القانون مهمة ''تكتسي أهمية بالغة'' وتتطلب ''نفسا طويلا'' من الجانب التقني والقانوني، مؤكدا أن الأمر يتعلق ''بفلسفة'' اقتصادية واجتماعية للبلاد. وقال السيد لوح الذي نزل، أمس، ضيفا على القناة الثالثة للإذاعة الوطنية إن ''هذا المسعى يتطلب عمل تصميم وتفكير معمق يدعمه انضمام تام من قبل كافة الأطراف المعنية بالمشروع، مضيفا أن هذا التشاور ''سيتواصل مع كافة منظمات أرباب العمل والنقابات لإعداد هذا المشروع في ''شفافية''. وأوضح المتحدث أن قانون العمل الجديد يتضمن أحكاما جديدة ترمي إلى ''توضيح'' بعض أحكام القوانين الاجتماعية لسنة ,1990 مشيرا على سبيل المثال إلى أحكام تتعلق بعلاقات العمل ومكافحة العمل غير القانوني واستغلال اليد العاملة والتحرش الجنسي ومنع التدخين في أماكن العمل وتوسيع التأمين على البطالة إلى عقود العمل المحدودة المدة. وكان وزير العمل قد أكد في وقت سابق أن الصيغة الجديدة لقانون العمل تتضمن عدة إجراءات من أجل تنظيم سوق الشغل في الجزائر بما يضمن النجاعة الاقتصادية للمؤسسات ويلبي الطموحات المهنية والاجتماعية لمختلف الشرائح العمالية، كما يهدف القانون إلى جمع كل تشريعات العمل في قانون واحد وتكييفها مع قوانين العمل الدولية، مع إضافة بعض المواد وإدخال إصلاحات على مواد أخرى، بالاتفاق مع مختلف الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين. وينتظر أيضا إدراج بند جديد يتعلق بتنظيم اليد العاملة الأجنبية في الجزائر، في الوقت الذي تعتمد فيه البلاد على اليد العاملة الأجنبية المؤهلة لتكوين يد عاملة وطنية في نفس الاختصاص ، إلى جانب إدراج عقد المناولة الذي يعد من الآليات التي تسمح للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة بالاستفادة من المشاريع والصفقات العمومية وإجراءات صارمة لمحاربة العمل والاقتصاد الموازيين. وبخصوص محاربة البطالة، قال الوزير إن ذلك سيتم من خلال تشجيع الاستثمار المنتج والمنشئ لمناصب الشغل انطلاقا من أن المخطط الخماسي الحالي أولى أهمية كبيرة لإدماج أكبر عدد ممكن من الشباب، من خلال إنشاء ثلاثة ملايين منصب عمل وتخفيض نسبة البطالة إلى أقل من 9 بالمائة في آفاق .2014 وإذ يتضمن مشروع القانون أكثر من 700 مادة منها ما هو جديد ومنها ما هو معدل تماشيا مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، فإنه يحتوي ايضا على أحكام تتضمن تشديد العقوبات في مجال عمالة الأطفال، علما أن التشريع الجزائري المعمول به حاليا ينص على جملة من النصوص تنطوي على تدابير حمائية تستهدف حماية الطفل القاصر الذي يقل سنه عن 18 سنة، كما تعكف وزارة العمل في هذا السياق على وضع قائمة خاصة بالمهن الخطيرة المضرة بصحة الطفل في وقت فاقت فيه نسبة العمال غير المصرح بهم 14 بالمائة السنة الماضية. وتتضمن التدابير الجديدة مجموعة من المواد والقواعد، حيث تنص على أنه لا ينبغي أن يقل العمر الأدنى للتوظيف عن16 سنة إلا في الحالات التي تدخل في إطار عقود التمهين، كما لا يجوز توظيف القاصر البالغ من العمر بين 16 و17 سنة كاملة حسب هذا التشريع المعمول به إلا بناء على رخصة من وصيه الشرعي، ولا يجوز استخدام العامل القاصر في الأشغال الخطيرة أو التي تنعدم فيها النظافة أو تضر بصحته أو تمس بأخلاقياته. وبالنظر إلى أخطار التدخين الصحية وفاتورته الضخمة على عاتق صندوق الضمان الاجتماعي، بخصوص مرضى السرطان، فقد تقرر ''إدراج مادة قانونية صريحة في مشروع قانون العمل الجديد، يتم بموجبها منع العمال والموظفين من التدخين في أماكن العمل''. وتعتزم الحكومة في القانون الجديد إلغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل وتعويضها بمادة أخرى تعطي تعريفا جديدا للحد الأدنى للأجر الوطني المضمون، وسيترتب عن إلغاء هذه المادة أثر مالي في أجور الموظفين، حيث سينعكس تطبيق هذه المادة آليا بعدم احتساب المنح والعلاوات ضمن الحد الأدنى للأجر الوطني المضمون، مما يفتح الباب أمام زيادة أخرى في أجور العمال. وكان السيد لوح قد أوضح أن الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي مرت بها الجزائر في التسعينيات، هي التي اضطرت الحكومة آنذاك إلى وضع هذه المادة في قانون العمل سنة ,1994 وأعيد بموجبها تعريف الحد الأدنى المضمون، غير أنها بالصيغة الحالية تتضمن خطأ في تعريف الحد الأدنى المضمون، ولا يمكن الإبقاء عليها، وبتحسن ظروف الجزائر تقرر إلغاء هذه المادة كونها تخلق مشاكل في السياسة الوطنية للأجور. كما ينتظر إضافة مادة جديدة للقانون الجديد، تمنح لوزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي صلاحية إصدار قرار يقضي بتوسيع الاتفاقية الجماعية في قطاع ما على جميع المؤسسات الاقتصادية أو الإعلامية الخاصة والعمومية، التي تنشط في ذلك القطاع ولم توقع اتفاقية جماعية مع عمالها، ويلزمها القرار بتطبيق تلك الاتفاقية. وكان الوزير قد أشرف على تنصيب ثلاثة أفواج عمل مكلفة بدراسة الملفات المتعلقة بالعقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي والتقاعد وبآثار إلغاء المادة 87 مكرر الخاصة بالقانون المتعلق بعلاقات العمل وذلك تنفيذا لقرارات الثلاثية التي انعقدت يومي 29 و30 سبتمبر .2011 ويعكف فوج العمل الأول على تقييم العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي وإعداد توصيات لإثرائه وتجديد العمل به، ويتكفل الفوج الثاني بدراسة إمكانيات تحسين الموارد المالية للمنظومة الوطنية للتقاعد من أجل تزويد الصندوق الوطني للتقاعد بالإيرادات الإضافية الضرورية للتكفل الدائم بالتزاماته إزاء المتقاعدين. وفي هذا الصدد، يأخذ هذا الفوج بعين الاعتبار محاور الإصلاح المعتمدة من قبل الحكومة في مجال التقاعد كالحفاظ على التوازنات المالية لمنظومة التقاعد من أجل ضمان ديمومتها. أما فوج العمل الثالث فيتولى تقييم الآثار التي تترتب عن إلغاء المادة 87 مكرر وتحضير التكفل بهذه المسألة في المراجعة القادمة لقانون العمل.