قال المؤرخ محمد عباس، أمس، بالجزائر العاصمة، إن قرار استدعاء الرئيس الراحل محمد بوضياف جاء باختيار من سلطات الدولة التي رأت فيه الرجل القادر على بعث الاستقرار في البلاد وقتئذ، حيث كانت الجزائر في عزّ العشرية السوداء. واعتبر الأستاذ محمد عباس في وقفة عرفان لسي الطيب الوطني، بمناسبة الذكرى العشرين لعودة رئيس الدولة الراحل محمد بوضياف التي كانت يوم 16 جانفي ,1992 أن عودة سي الطيب الوطني، وهو الاسم الثوري للفقيد، بعد 27 سنة من حياة المنفى بالمغرب لها دلالة كبيرة في حجم الشخصية الوطنية التي كان يتحلى بها الراحل، حيث لبى النداء ومات مسبلا روحه من أجل الجزائر، إذ عمل جاهدا من أجل المحافظة على البلاد متماسكة وسط جو متوتر ولكن لم يمهله القدر كثيرا واغتيل في نفس العام الذي تولى فيه الحكم. ونُصب بوضياف رئيسا للجزائر بعد فترة غياب عن ساحة الأحداث السياسية، حيث عاد ليتولى مقاليد الحكم بها خلفا للرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد بعد تقديمه الاستقالة. وحسب المتحدث كانت الفترة التي تولى فيها الراحل مهام رئيس الدولة قصيرة ولم تسمح له بالعمل، حيث كان يفكر في شكل الحكومة المناسبة التي تستطيع النهوض بالبلاد نحو الأمام، مشيرا إلى أن عودته إلى الجزائر بتلك الطريقة مكنته من استرجاع المكانة التاريخية والسياسية اللائقة به لاسيما وأنه كان من الأوائل في اتخاذ قرار خوض الكفاح المسلح في 1 نوفمبر .1954 وأعطى المتدخل، في ندوة تاريخية نظمت بالنادي الثقافي للمجاهدين، لمحة عن حياة الراحل، وذكر أنه من مواليد 23 جوان 1919 بولاية المسيلة، وعمل في عام 1942 بمصالح تحصيل الضرائب بجيجل، ثم اتجه للعمل السياسي فأصبح أحد قادة التنظيم العسكري التابع لحزب الشعب الجزائري والذي أسس عام 1947م، ثم أصبح عضوا في إحدى المنظمات السرية، وفي عام 1950 حوكم غيابيا، وتعرض للسجن في فرنسا هو وعدد من زملائه الثوريين، وفي فرنسا عام 1953 أصبح بوضياف عضواً في حركة انتصار الحريات الديمقراطية، ثم عاد مرة أخرى إلى الجزائر، حيث كان أحد المساهمين في تنظيم اللجنة الثورية للوحدة والعمل. من جهته، روى المجاهد الطيب الثعالبي شهادته بالمناسبة، حيث يعد أحد المناضلين الذين كانوا تحت إمرة بوضياف، وقال إنه بعد قيام الثورة الجزائرية كان بوضياف على رأس قادتها وأحد الأضلاع الهامة التي اكتملت بها مقومات نجاحها، خاض بوضياف عددا من المواجهات مع بعض الشخصيات السياسية التي تسلمت مقاليد الحكم في البلاد بعد الاستقلال، وعمل على تأسيس حزب الثورة الاشتراكية وذلك في عام ,1962 واسترسل في حديثه أن بوضياف تابع نشاطه السياسي لفترة من الزمن كما عمل على تنشيط مجلة ''الجريدة''، ولكن في عام 1979 قام بحل حزب الثورة الاشتراكية وذلك عقب وفاة الرئيس الجزائري هواري بومدين، وترك أعباء العمل السياسي متفرغا لأعماله الخاصة.