تضمنت الرسالة التي بعث بها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الى مجلس الأمن الدولي بمناسبة انعقاد الاجتماع حول العلاقات بين منظمة الأممالمتحدة والمنظمات الاقليمية تصورات عن الشراكة بين المجلس الأممي والمنظمات الاقليمية لاسيما الاتحاد الافريقي· فقد حملت رؤية الرئيس بوتفليقة بعدا افريقيا من منطلق أن مسألة السلم والأمن تشكل أولوية الأولويات للأفارقة الذين عملوا على تطوير المقاربة الأمنية خلال السنوات الماضية عملا بالتوصيات التي خرجت بها قمة منظمة الوحدة الافريقية التي احتضنتها الجزائر عام 1999 والتي حملت شعار السلم· وبالفعل فقد تجلت هذه الجهود في انخفاض عدد النزاعات والأزمات علي مستوى القارة رغم استمرار بعضها، ومن هنا ركز الرئيس بوتفليقة علي ضرورة تحسين القدرات وتعزيز عمل المنظمات الاقليمية، سيما تلك التابعة للاتحاد الافريقي من خلال مجلسه للأمن والسلم الذي تترأسه الجزائر· ورغم الجهود التي ما فتئ يبذلها هذا المجلس من أجل استتباب الأمن في القارة، فقد ألح رئيس الجمهورية على ضرورة مرافقة ذلك بالمساندة الدولية في اطار شراكة فعالة،، هذه الشراكة وإن أعطت ثمارها في اطار التعاون بين منظمة الأممالمتحدة والاتحاد الافريقي الا أنها تبقى دون الامال المنشودة بالنسبة لبعض القضايا مثل الصحراء الغربية التي تتواجد بها بعثة الأممالمتحدة من أجل تنظيم الاستفتاء منذ خمس عشرة سنة دون التوصل الى نتيجة، في حين لم تتمكن قوة السلام للاتحاد الافريقي في الصومال من التوصل الى توفير الشروط الضرورية لتصحيح الوضع في أبعاده الأمنية والسياسية والانسانية· واعتبر الرئيس بوتفليقة انعقاد هذا الاجتماع فرصة للتفكير في "أنماط عملية مجددة" وكذا اعتماد تفسير أكثر طموحا للباب الثامن من ميثاق الأممالمتحدة الذي يعد الأساس القانوني لعمليات حفظ السلام التي تقوم بها المنظمات الاقليمية، بالأخذ بعين الاعتبار المعطيات المحلية وتشجيع ردود الفعل الملائمة للسياقات والخاصيات المعنية مع رؤية واضحة للمسؤوليات المختلفة والتكاملات· فتضافر الجهود المبذولة على الصعيدين الاقليمي وشبه الاقليمي من شأنها تجنيد جميع الطاقات الضرورية لبلوغ الأهداف التي تخدم قضية السلام، مع ضرورة التفكير في آليات تمويل أكثر واقعية، حتى يتسنى تسوية العراقيل الكبيرة التي تواجهها افريقيا ومن ثم تعزيز الشراكة بين الاتحاد الافريقي والأممالمتحدة· غير أن ذلك لا يجب أن يستثني دور الأفارقة في ترقية المقاربة الأمنية لفسح المجال أمام فرص التنمية التي تبقى القارة السمراء بحاجة إليها لإثبات ذاتها، مثلما تسعى مجموعة الحكما ء الافريقية في هذا الصدد لادراج ضمن عملها الحلول السياسية التي تدمج قيم الصلح والمصالحة وضمان ديمومة ما تم التوصل اليه من اتفاقات· فكل هذه الأفكار التي طرحها الرئيس بوتفليقة في رسالته التي قرأها نيابة عنه ممثله الشخصي السيد أحمد اويحيى تنبع من المواقف الثابتة للجزائر لدعم جهود القارة السمراء بخصوص قضايا السلم والأمن، حيث لم تدخر الجزائر جهدا من أجل اعلاء صوت افريقيا عبر المنابر الدولية والتكفل بانشغالاتها عبر آليات حيوية من شأنها ان تصحح الوضع الافريقي المثقل بمشاكله، كما هو الشأن لمبادرة النيباد التي تعد الجزائر أحد مؤسسيها الفاعلين، والتي يصب هدفها الأساسي في بعث التنمية في افريقيا التي تعد أغنى وأفقر القارات في نفس الوقت·