أخيرا، وبعد مشاورات عسيرة ومضنية توصل الفرقاء في حركتي ''فتح'' و''حماس'' الفلسطينيتين إلى اتفاق يقضي بتشكيل حكومة انتقالية يقودها الرئيس محمود عباس سيتم الإعلان عن تشكيلتها بعد 12يوما من اليوم. وتمكن الرئيس عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس خالد مشعل من التوصل إلى اتفاق حول هذه القضية الشائكة في ختام اجتماع عقداه أمس برعاية من أمير دولة قطر الشيخ خليفة بن حمد آل ثاني بالعاصمة القطرية الدوحة. وكشفت مصادر على صلة بالاجتماع أن الحكومة الفلسطينية الجديدة ستكون حكومة وفاق وطني مشكلة من تكنوقراطيين مهمتهم الأساسية الإشراف على تنظيم الانتخابات العامة والرئاسية وكذا أعضاء المجلس التشريعي لمنظمة التحرير الفلسطيني. ووقع الاختيار على الرئيس محمود عباس لقيادة الحكومة الجديدة كونه يحظى بإجماع فلسطيني وبعد أن استعصى على الفرقاء إيجاد شخصية توافقية يمكن إسناد هذه المهمة لها، وكانت سببا في حالة الاحتقان التي طبعت المواقف بالنظر إلى حساسية الوضع وطغيان الحسابات الحزبية على المصلحة الوطنية الفلسطينية. ويتذكر الفلسطينيون الانتقادات اللاذعة التي وجهتها حركة حماس لشخص سلام فياض الوزير الأول الفلسطيني الحالي للتعبير عن رفضها له لقيادة الحكومة الانتقالية، في نفس الوقت الذي رفضت فيه حركة ''فتح'' كل فكرة لتولي إسماعيل هنية رئيس حكومة حماس المقالة هذه المهمة. والمؤكد أن الاتفاق على تشكيل الحكومة الفلسطينية الانتقالية يعد في حد ذاته خطوة ''عملاقة''على طريق المصالحة الوطنية الفلسطينية إذا استعدنا حدة الصراع المعلن والخفي الذي ميز علاقة الحركتين على مدى قرابة السنوات الخمس الأخيرة، وبلغ درجة الاقتتال وتصفية الحسابات قبل أن يحتكما إلى العقل وتحكيم المصلحة الوطنية على الحسابات الحزبية الضيقة. والمؤكد أيضا أن هذا الانجاز السياسي الكبير بين أكبر فصيلين فلسطينيين متنافسين سيكون بمثابة اللبنة الأولى لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني الذي تشتت بين قطاع غزة والضفة الغربية، في سابقة أثرت سلبا على وحدة الموقف الفلسطيني في وجه الاحتلال الإسرائيلي. يذكر أن الدفء بدأ يعود إلى علاقة الحركتين بعد برودة جليدية دامت قرابة خمس سنوات منذ بداية العام الماضي في سياق حرارة التغيير التي اجتاحت العديد من الدول العربية ولم تكن الأراضي الفلسطينية في غزة كما في الضفة الغربية في منأى عن ذلك الحراك الشعبي الذي أطاح بأنظمة عاتية. وقد استشعرت الحركتان مخاطر انتقال العدوى إلى الأراضي الفلسطينية وخاصة وأن أصواتا شبابية خرجت منادية بضرورة إنهاء الانقسام الفلسطيني الذي كانت انعكاساته كارثية على مستقبل القضية الفلسطينية، في وقت كانت فيه إسرائيل تفرض منطقها من خلال سياسة استيطانية غير مسبوقة وعمليات هدم وتدمير لممتلكات الفلسطينيين في القدس الشريف.