إذا كان هناك وفاء فيجب أن يكون للشهداء، وإذا كان هناك حرص يجب أن يكون لإرث الشهداء، ذلك أن الشهيد وضع روحه على كفه وخرج عاري الصدر لمقارعة العدو المدجج بأحدث الأسلحة وأكثرها فتكا من أجل أن يحيا الشعب حرا وسيدا. والوفاء للشهداء -ونحن نحيي يوم الشهيد- واجب اجتماعي وأخلاقي وديني، فأما الاجتماعي فلأنه ضحى بنفسه لإخراج أبناء أمته من ضنك العيش الذي فرضه عليهم المستعمر إلى سعة الحياة، ومن العبودية إلى الحرية. وأما الأخلاقي فالشهيد أولى من يجب الوفاء له لأنه آثر الموت على أن يرى إخوانه في الذل والمهانة فتكرم بحياته عليهم وهذه أعلى درجات الإيثار لا يتنكر لها إلا جاحد للخير وللشهادة. وأما الديني فلأن الشهيد يشفع في أهله يوم القيامة فيشفع لسبعين منهم ويشترك في هذا الفضل مع الملائكة والنبيين، ومن كانت له هذه الميزة فهو أولى بالوفاء والتقدير. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المقام هل أدينا واجبنا تجاه شهدائنا؟ هل حفظنا الأمانة؟ هل حققنا أهداف شهادتهم؟ أسئلة كثيرة قد يختلف الناس في الإجابة عنها، ولكنني أقول إذا كان إيثار الشهيد بهذا السمو فإننا قد خذلناه في كثير من الأمور على رأسها الإخلاص للوطن وبالعمل على رقيه وازدهاره ورفاه أبنائه وإعدادهم العلمي والعملي والأخلاقي لرفع التحديات الحاضرة والمستقبلية.