تحيي ولاية تيزي وزو ابتداء من اليوم، الذكرى الثالثة والعشرين لرحيل صاحب''الربوة المنسية''، الكاتب مولود معمري، بتظاهرة تحتضنها دار الثقافة مولود معمري تتواصل إلى غاية 28 من شهر فيفري، بعد أن دأبت على تنظيمها كل من مديرية الثقافة للولاية ولجنة النشاطات الثقافية والفنية بالتنسيق مع جمعية أساتذة الأمازيغية لتيزي وزو. سطر القائمون على إحياء الذكرى برنامجا ثريا يستهل بتنظيم مسابقة إملاء بين المؤسسات التربوية من طرف جمعية أساتذة الأمازيغية لتيزي وزو، مع تدشين معرض يتواصل طيلة أيام التظاهرة حول كتب امازيغية صادرة عن المركز الوطني للبحوث في علم الأنتروبولوجية وما قبل التاريخ والتاريخ، وكذا مقالات تناولت حياة ومسيرة الكاتب مولود معمري وصوره، وذلك بأزقة دار الثقافة وقاعة زميرلي. كما سيكون جمهور تيزي وزو على موعد مع انجاز لوحتين الأولى لمولود معمري والثانية لامحمد يزيد من طرف طلبة معهد الفنون الجملية لمدينة اعزازقة، إلى جانب الاستماع إلى شهادات حول حياة ومسيرة الكاتب بقاعة المسرح الصغير يقدمها كل من السادة قانا معمري، يوسف مراحي، رشيد بليلي، متبوعا بقراءة نصوص معمري من طرف طلبة قسم اللغة الفرنسية بجامعة مولود معمري. ويتخلل برنامج الذكرى عرض فيلم يحمل عنوان ''الربوة المنسية'' للمخرج بوقرموح متبوع بنقاش حول ''تعريف شخصية المثقف في الرواية لدى مولود معمري''، تنشطه السيدة بوخلو (دكتورة في اللغة والحضارة الفرنسية)، إلى جانب إلقاء جملة من المحاضرات بقاعة المسرح الصغير بدار الثقافة، منها ''أعمال معمري''، ''مشوار رجل العلم والرجل الملتزم''، متبوع بعرض شريط وثائقي حول حياة ومسيرة مولود معمري من إخراج علي موزاوي. ويختتم البرنامج بالتوجه إلى مسقط رأس الكاتب لوضع باقة من الزهور على قبره بقرية ثوريرث ميمون بآث يني اين ولد الروائي في 28 ديسمبر ,1917 ونشأ وسط أسرة ذات جاه وعلم مهدت له الظروف المواتية لاحتضان العلم والأدب، حيث تلقى تعليمه الابتدائي بمسقط رأسه، وفي عام 1928 التحق بالمملكة المغربية وهو لم يتجاوز الحادية عشرة من عمره ودرس بمدينة الرباط (المغرب) في كنف عمه الذي كان من الشخصيات المقربة من الملك المغربي محمد الخامس آنذاك، وفي سنة 1932 عاد معمري إلى أرض الوطن والتحق بثانوية بوجو (ثانوية الأمير عبد القادر حاليا) بباب الوادي بالعاصمة، ثم انتقل إلى ثانوية ''لويس الأكبر'' بباريس فيما بعد، وفي 1939 جنّد ''الدّا المولود'' من طرف السلطات الاستعمارية، غير أنها سرعان ما أخلت سبيله سنة ,1940 فكانت فرصة له للالتحاق بجامعة الجزائر بكلية الآداب. قضى''دا المولود'' حياته بين الآداب والعلم، حيث نشر بمجلة ''أكدال'' المغربية مجموعة هامة من المقالات المتعلّقة بالمجتمعات الأمازيغية، والتي تناولها في بعد انتروبولوجي، كما شارك أيضا في الحملة العالمية لمناهضة الحرب العالمية الثانية، وفي سنة 1947 كان مولود معمري مدرسا بالمدية، ثم بابن عكنون بالعاصمة، فكانت مرحلة هامة لوضع أولى اللبنات لروايته الأولى ''الربوة المنسية'' التي صدرت عام ,1952 وهو العمل الأدبي الذي ارتقى بالكاتب إلى مصف العظماء، وفي سنة 1955 أصدر الكاتب عملا روائيا جديدا بعنوان ''نوم العادل''، كما أنجز عملا كبيرا في النحو الأمازيغي أسماه ''ثاجرومت'' وهو ما نعني به القواعد. وأمام ملاحقته من طرف القوات الفرنسية غادر الجزائر إلى مدينة الرباط سنة ,1957 وكانت تلك محطة هامة لإنجاز دراسات تتناول اللسانيات الأمازيغية في سياق أكاديمي منسق. غداة الاستقلال عاد الروائي مجدّدا إلى الجزائر وأصدر في عام 1965 رائعة ''الأفيون والعصا'' جمع ونشر مجموعة قصائد الشاعر ''سي محند اومحند''، وغيرها من الأعمال التي قام بها، وفي عام 1988 كرم مولود معمري بالدكتوراه الفخرية التي منحتها له جامعة السوربون نظير ما قدّمه من أعمال أدبية إنسانية خالدة، واستمر في خدمة الآداب إلى غاية وفاته ليلة 26 فيفري ,1989 عندما كان يهم بالخروج من مدينة عين الدفلى حيث انعطفت سيارة الكاتب في منعرج خطير تقابلها شاحنة متوقفة في الطريق، ولم همّ لتفادي الشاحنة المتوقفة، أدار المقود إلى اليسار وانحدرت السيارة لتصدم شجرة.