بين 21 مارس من عام ,1968 ونفس التاريخ من عام 2012 الحالي، أربعة وأربعون عاما، هي في الواقع العمر الحقيقي للثورة الفلسطينية المعاصرة، والدلالات الأكيدة لقدوتها لا على الاستمرار فحسب، بل وعلى التصاعد والتجدد أيضا، حتى تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني في العودة وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، ليس هذا بالطبع انتقاصا من أهمية السنوات القليلة التي سبقت عام 1968 من عمر الثورة الفلسطينية.... بقدر ما هو ضروري للتأكيد على حقيقة أن الحدث التاريخي الذي شهده هذا العام، ونعني به معركة الكرامة، قد كان المحك أو الامتحان الأول لقدرة هذه الثورة الفتية على مواجهة العدو الإسرائيلي المتغطرس، في وقت كانت فيه الأمة العربية تعيش آثار وتداعيات هزيمة عام .1967 لقد نجحت الثورة الفلسطينية في الامتحان، فحققت انتصارا صاخبا جعلها تفرض نفسها كقوة رئيسية في الصراع العربي الصهيوني، وتعيد لمعادلات هذا الصراع اتزانها، حيث اتضح للعالم أجمع، أن هزيمة جوان عام ,1967 لم تستطع كسر إرادة الأمة العربية، وأن الطريق الرئيسي لتحرير فلسطين هو الوحدة والمقاومة، وقد لا يختلف اثنان في أن قيمة أساسية من القيم العديدة التي أفرزتها معركة الكرامة، هي أنها أثبتت ولأول مرة في تاريخ القضية الفلسطينية، خطأ تغييب الدور الفلسطيني في الدور القومي العربي، وصحة الترابط الجدلي بين الدورين. هنا بالتحديد تبرز أهمية دروس معركة ''الكرامة'' في ذكراها الرابعة والأربعين، فمعركة ''الكرامة'' ليست فقط للتمجيد والتأمل، إنها أكثر من ذلك بكثير، إنها واحدة من الدروس الأكثر أهمية في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، ولعل ما يزيد أهميتها أن ذكراها تأتي في الوقت الذي يستمر فيه صمود وتصدي الشعب الفلسطيني وقيادته لقطعان المستوطنين وعمليات التهويد والاغتيالات والتنكر الصيهوني للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وبعبارات أشد وضوحا، يمكن القول إنه إذا كانت معركة الكرامة قد فرضت نفسها وفرضت الثورة الفلسطينية في مواجهة هزيمة عام ,1967 فإن الاستجابة لمبادرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإنهاء الانقسام، تتطلب أن تكون مواقف جميع الفصائل مؤيدة وداعمة، وعدم إضاعة الوقت، والتوقيع وتنفيذ اتفاق المصالحة الفلسطينية، فباستعادة الوحدة الوطنية تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية تتجدد ''الكرامة'' الفلسطينية، وتسقط مشاريع إسرائيل وحلفائها الهادفة للالتفاف على حقوق الشعب الفلسطيني. الملحق الإعلامي بسفارة دولة فلسطين