بعد مرور عدة أيام عن انطلاق الحملة الانتخابية لتشريعيات 10 ماي المقبل، لم نقرأ في لغة الأحزاب المعنية بالاستحقاقات، سوى التشكيك واليأس والخوف من المستقبل، رغم اجتهاد البعض من هؤلاء في توظيف لغة الوعظ والإرشاد وحب الوطن من الإيمان. ولعل الذين يعرفون بعض زعماء هذه الحملة، لا تفاجئهم هذه اللغة، خاصة إذا كان هذا الزعيم أو ذاك رفيق دراسة ويشهد له بالتسرب المدرسي في الطور الأول من المنظمومة التربوية، أو يشهد له بالسقوط في أسهل المواد الدراسية أو يشهد له بضعف التكوين المهني والسياسي وخلو مساره من أي نجاح أو تفوق، ولو أن المفاجأة لا تقتصر على هذه الفئة، بل تشمل أيضا أولئك الزعماء الذين لم يجدوا لأنفسهم مكانة ثابتة في حزب معين، باحترافهم اللعب في ميركاتو الأحزاب، حيث كثرت تنقلاتهم ما بين هذه الأحزاب وبات طموحهم لا حدود له، لأن شعارهم هو الوصول إلى قبة البرلمان، بشتى الطرق والأساليب، طالما أن كل الطرق مشروعة في نظرهم. إن إفساح المجال أمام هذه الفئات، للتهريج والتشكيك وتشويه صورة الغير والسعي لاستمالة الناخب بشتى الطرق إلى صفهم، وإن كان مقبولا في اللعبة الديمقراطية، فهو بالمقابل ممقوتا لأنه يشوه العملية الانتخابية في حد ذاتها، وربما هذا ما جعل بعض الزعماء يخاطبون قاعات فارغة من الجمهور، بعد أن فشلوا في تمرير رسالتهم ووعودهم الزائفة. ومع ذلك، نشهد لهؤلاء بالحيلة، لأنهم فضلوا الخروج من القاعات وفضلوا اللعب خارج الأسوار العازلة، والمشي في الأزقة أوضفاف الوديان أو دخول البؤر السكنية، لزرع المزيد من اليأس في نفوس من اعتبروا خارج مجال اهتمامات السلطات المحلية. إن حملة بمثل هؤلاء الزعماء الذين لا زعامة لهم إلا في الحملات الانتخابية، من المستحيل أن تحقق أهدافها في تعبئة المواطنين ودفعهم للمشاركة بأعداد كبيرة في الاستحقاقات، وعليه فإن الأحزاب الكبيرة التي تملك برامج انتخابية واقعية مطالبة بمضاعفة الجهد لزرع الأمل في النفوس وإقناع المواطن بالحضور إلى مكاتب الاقتراع عن قناعة ودون تردد حتى لا يترك المجال للمغامرين الذين لم يكتفوا بتوظيف لغة التشكيك وزرع ثقافة اليأس، أن يعبثوا أكثر لتفريغ قاموس الحملة من كل ما يعزز ثقة المواطن في المستقبل.