يؤمن بأنّ للوقت قيمة كبيرة لا تقدر بثمن، وأنّ استثماره هو أحسن وجه للتعامل معه، لاسيما في رمضان الّذي يفتح أبوابا واسعة لاستقبال أصحاب المشاريع الخيرية الّتي تسدي للمعوزين وعابري السبيل خدمات، ومن هذا المنطلق، أصبح العمل التطوعي جزءا من حياة القائد الكشفي سفيان شرتوك الّذي يتولى منذ أربع سنوات مهمة الإشراف على مائدة عابر السبيل، تجسيدا للجانب الروحي للشهر الفضيل.. “المساء” التقته بمقر الفوج الكشفي “الأمير خالد” ببلكور، فكانت الإضاءة على نشاطه التطوعي. ليست فكرة العمل التطوعي وليدة اليوم بالنسبة للشاب سفيان شرتوك (27 سنة)، حيث خطى خطواته الأولى في هذا المجال حينما كان تلميذا في الثانوية.. وفي هذا الصدد يقول: “بحكم الاحتكاك بأصدقاء منخرطين في الكشافة الإسلامية الجزائرية، تولدت لديّ فكرة الإنضمام إلى عالم العمل التطوعي، تحت تأثير الجوّ الإنساني الّذي عشته مع رفاقي الكشفيين”. وكانت الانطلاقة سنة 2006، عندما التحق بفوج “الأمير خالد” الكائن مقره بالساحة الجميلة (بلكور)، حيث كان يستفيد من حصص تدريبية كل يوم جمعة، وهي الحصص التي كانت تثمر أعمالا خيرية، منها المشاركة في زيارة المرضى المتواجدين في المستشفيات. أما في رمضان، فتتوسع دائرة العمل التطوعي بالنسبة للشاب سفيان شرتوك، لتؤول إلى عطاءٍ يتجدد طيلة أيام شهر الصيام، خاصة وأنّ رمضان أصبح يتزامن مع موسم العطلة الصيفية، مما يفتح المجال واسعا للقيام بالأعمال الخيرية أمام فئة الشباب. يبدأ الشاب الكشفي سفيان مهمة الإشراف على مائدة عابر السبيل على الساعة الثالثة والنصف زوالا، للتأكد من مدى توفر كافة المواد الغذائية اللازمة لاستقبال الضيوف الباحثين عن موائد الرحمن، وكذا مواد التنظيف لغسل الأواني بعد تناول عابري السبيل لوجبة الإفطار. وتتم هذه العملية التطوعية التي تتكفل بها محافظة الكشافة الإسلامية الجزائرية على مستوى ولاية الجزائر، ويتقاسمها 15 فوجا كشفيا، حيث يتولى كل فوج توزيع 100 وجبة غذائية.. وفي هذا الشأن، يروي المشرف العام على مائدة عابر السبيل ببلكور: “تحتوي المائدة الرمضانية على طبق “الشوربة”(حساء)، وطبق آخر، بالإضافة إلى التحلية. كما نحرص على إضافة اللبن التمر وسلطة الفواكه”. عند حدود الساعة السابعة مساء، يشرع القائد الكشفي في استقبال بعض العمال الّذين يقطنون في الولايات الداخلية، وكذا بعض المتشردين، إذ لا يتجاوز عددهم 49 شخصا في غالب الأحوال. وبموجب ذلك، يتم توزيع الوجبات المتبقية على العائلات المعوزة حتى لا يكون مصيرها الرمي في حاويات القمامة. ويواصل الشاب سفيان عملية الإشراف إلى ما بعد الإفطار، حيث يحين دور الشباب المتطوع المكلف بغسل الأواني.. ومع ذلك لا يتردد في الذهاب إلى المسجد لأداء صلاة التراويح الّتي تمنحه الشعور بالراحة النفسية. وعن ذلك، يوضح محدثنا بأنّ التوفيق بين عمله التطوعي وأداء العبادات ليس أمرا مستحيلا، خاصة وأنّ هذا الموسم الديني بات يتزامن مع العطلة الصيفية، لافتا إلى أنّه نجح كذلك في سنوات خلت في أداء العمل الخيري في رمضان، رغم أنّ هذا الأخير كان يحل علينا قبيل حلول موعد العطلة الصيفية، والسر في ذلك بسيط للغاية، يكمن في حسن استغلال الوقت وتنظيمه. وحسب وجهة نظر القائد الكشفي سفيان شرتوك، فإنّ العمل التطوعي لا يفسد للنجاح الدراسي قضية، والدليل أنّه حاز على شهادة مهندس دولة، بالإضافة إلى حصوله على شهادة ليسانس في المحاسبة والتسيير المالي.. كما يشير إلى أنّه لا ينتظر جزاء ولا شكورا من أحد، إنما يرجو ثوابا من المولى في شهر التوبة والغفران. ويوجه نداءه إلى كافة الشباب لاغتنام فرصة حلول شهر رمضان للمساهمة في الأعمال الخيرية، بدلا من إهدار الوقت في مقاهي الأنترنت، خاصة وأنّ هناك عدة عوامل تحول دون تحفيز هذه الشريحة على أداء الخدمة الإنسانية في الشهر الفضيل بالدرجة الأولى، منها قلة النشاطات التحسيسية، وغياب دور الآباء في مجال تشجيع الأبناء على التطوع لأداء أعمال الخير، رغم أهمية ذلك في إبعادهم عن دائرة الفراغ وما قد ينجم عنه من مخاطر.