أجبرت درجة الحرارة المرتفعة التي تتميز بها هذه الأيام العائلات الجزائرية على العودة مجدداً إلى الشواطئ بعد حلول عيد الفطر للاستمتاع بما بقي من عمر العطلة الصيفية، وقد غزت العديد من الأسر مختلف شواطئ ولاية وهران المسموحة السباحة بها والتي تتجاوز 33 شاطئاً قصد الاستمتاع بنسيم البحر المنعش ومداعبة أمواجه. نشهد هذه الأيام مع إرتفاع درجة الحرارة هروباً جماعياً للعائلات التي هجرت المنازل نحو الشواطئ التي بدت مكتظة بروادها، وقد شهد شاطئ مداغ الذي أصبح قبلة للمصطافين من مختلف ولايات الوطن على غرار، معسكر، تلمسان، بشار وتندوف إقبالًا كبيراً للعائلات التي جاءت حتى من أقصى الجنوب وبالضبط من ولايتي تمنراست وإليزي ولم يكن بعد المسافة حاجزاً لديها. ليس شاطئ مداغ فقط من يعرف إقبالًا كبيراً للمصطافين بل لاحظنا خلال مرورنا بشواطئ أخرى على غرار شواطئ «الأندلوسيات»، وعين الترك و بوصفر شاطئ التي إكتضت بقاصديها في منظر جميل وديكور رائع صنعته الخيام والشمسيات ذات الألوان الزاهية، المنتشرة على مرمى النظر، ففي شاطئ « مداغ «تحديداً، قد لا تجد مكاناً لتضع قدميك، وفي هذا الصدد تقول السيدة « أم أيمن «من ولاية البيض أنها لم تتحمل حرارة الجو المرتفعة داخل المنزل ولم تستطع حتى تحضير الغذاء خاصة وأنها تعاني من ارتفاع ضغط الدم فقررت المجيئ إلى «مداغ «عند قريبتها رفقة أطفالها، وكانت وجهتها بعد ذلك الشاطئ للترويح عن النفس مردفة أن الفكرة لاقت إعجاب الزوج والأطفال حتى أنهم قاموا بتحضير أنفسهم بسرعة وغير بعيد عن «أم أيمن» وأطفالها كانت تجلس السيدة «زهيرة» رفقة والديها العجوزين و أطفالها، حيث أكدت لنا أنها لم تعد تطيق درجة الحرارة المرتفعة التي لم تشهدها من قبل خاصة وأنها تعيش في بيت صغير بالإضافة إلى تواجد والديها لقضاء بعض الأيام معها وهو ما دفعها إلى النزول إلى الشاطئ رفقتهما بحثاً عن الجو الملائم الذي افتقدوه في البيت. الحرارة ولهيب الشمس زادا من إقبال الشباب على الشواطئ حتى وإن كان معظمهم قد قصدها في الأيام الأولى للشهر الفضيل فإن حلول عيد الفطر شكل استثناء هذه السنة، بعد الهجوم الكاسح للشباب على الشواطئ التي لم تستثن منها حتى تلك الغير محروسة والممنوعة السباحة، والتي استقطبتهم رغم الخطورة التي تشكلها على مرتاديها ممن فضلوا المجازفة على الاستسلام لحرارة الجو الجد عالية والتي لم تعد تحتمل. لم يشذ الأطفال عن القاعدة وتوجهوا بدورهم إلى شاطئ «مداغ» الذي بدى مملوء على غير عادته بعدد كبير من الهاربين من الحرارة، حيث وجد الكثير منهم فرصة للاسترزاق، من خلال عرض سلعهم المختلفة فبين باعة المأكولات المختلفة من «محاجب» و«بنيي» ومشروبات غازية ومثلجات ومكسرات مختلفة، وجدت العائلات ضالتها في التمتع أكثر ببرودة البحر ونسيمه العليل. ومن بين الأطفال الباعة الذين إلتقيناهم بشاطئ مداغ «وحيد» ابن ال17 ربيعاً الذي اعتاد في كل موسم اصطياف على بيع المأكولات في الشواطئ لإدخار بعض المال لمواجهة مصاريف الدخول المدرسي والاستمتاع بما تبقى من أيام العطلة. إلتقينا بالسيد «عزيز» الذي كان يتهيأ لأخذ مكان على شاطئ البحر بعدما استأجر شمسية وطاولة، وكان رفقة زوجته وبناته الثلاثة حيث كانت الفرحة مرسومة على وجوههن كما أوضح السيد «عزيز» أنه تحصل على عطلته السنوية بعد رمضان لذلك فضل أن يأخذ عائلته للاستمتاع بالبحر قبل الدخول الاجتماعي الذي لم تعد تفصلنا عنه إلا أيام قليلة فقط». وإذا كانت بعض العائلات قد شدت رحالها لشاطئ البحر في رمضان هاهي الأخرى ما إن إنقضي الشهر حتى قررت تعويض ما فاتها، حيث سمح تواجدها في المخيمات الصيفية التمتع بنسمات البحر ليلًا كما شهدت المركبات السياحية توافداً كبيراً للمصطافين رغم أسعارها الباهظة.