كشف خبراء ومختصون في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال أن ترتيب الجزائر في مؤخرة قائمة الدول فيما يخص سرعة تدفق الأنترنت راجع إلى عدم تطبيق كل المشاريع المقترحة، فلم تتخط الجزائر لغاية اليوم مرحلة الإعلان عن البرامج مما جعلنا لا نحقق إلا 10 بالمائة من الأهداف المنتظرة من تعميم خدمات الأنترنت. بالمقابل، طالب الخبراء بضرورة التفكير في حلول ومشاريع جديدة عوض إعادة بعث مشاريع قديمة ثبت فشلها، في إشارة منهم لمشروع "أسرتك 2"، الذي تقرر إعادة بعثه سنة 2011 ولم يتم لغاية اليوم البت في أمره. استغلت مجموعة من الخبراء فرصة منتدى جريدة "ديكا نيوز" الذي تناول تقييم استخدام الأنترنت في الجزائر وتأثير ذلك على الاقتصاد الوطني وتحليل ما أسموه تقاعس بعض المسؤولين عن تنفيذ مختلف البرامج المقترحة في مجال مشروع القرن "الجزائر الإلكترونية 2013"، الأمر الذي جعل الجزائر تتأخر عن بلوغ الرهانات التي كانت مسطرة، فعوض تسجيل 6 ملايين مشترك في الأنترنت ذات التدفق العالي سنة 2010، يحصي مجمع اتصالات الجزائر اليوم 1,2 مليون مشترك فقط، وهو ما يؤكد أن الجزائر لم تحقق إلا 10 بالمائة من أهدافها للنهوض بقطاع الاتصالات في الجزائر. وحسب السيد غرار يونس، خبير في تكنولوجيات الاتصال ومستشار سابق بوزارة البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال، فقد عجزت الهيئة الوصية عن إطلاق كل البرامج التي كانت مقترحة في إطار مشروع القرن "الجزائر الإلكترونية 2013"، مما جعل المشاريع لا تتخطى عتبة الإعلان ليبقى التنفيذ بعيدا عن الواقع. من جهته، أشار السيد علي كحلان، مدير جمعية مموني خدمات الأنترنت، إلى أن تسيير قطاع تكنولوجيات الإعلام والاتصال لا يمكن أن يكون دون تسطير مخطط مبني على استراتيجية محكمة، غير أن "السفينة اليوم تسير دون ربان" بعد أن عجز المسؤولون عن تنفيذ مخططات تعود لسنة 2008 بسبب عدم تنصيب مرصد وطني لتقييم المشاريع ومرافقتها رغم الوعود المتكررة من الوصية بتنصيب هذه الهيئة المشكلة من كل الفاعلين، الأمر الذي يرهن تحقيق مشاريع كبرى على غرار "التجارة الإلكترونية"، "التربية الإلكترونية" و«الصحة الإلكترونية"، كما أن إعادة بعث مشاريع قديمة ثبت فشلها مثل "أسرتك 2" لن يحل إشكال تعميم تكنولوجيات الاتصال في الوسط التربوي أو العائلي، وعليه وجب التقرب من الخبراء للاطلاع على أفكار جديدة يمكن تنفيذها ما دامت الإمكانيات البشرية والمادية متوفرة. وأكد السيد جمال طنجاوي، مدير مساعد بمركز البحث في الإعلام العلمي والتقني، في تدخله على ضرورة فتح المجال للشباب من أصحاب المواهب في مجال تكنولوجيات الإعلام والاتصال بغرض تطوير مشاريع صناعة المحتوى والأنظمة المعلوماتية المحلية، وهو ما يسمح لمتصفحي المواقع الإلكترونية بجمع مختلف المعلومات التي تخص المؤسسات والجامعات الجزائرية عوض الرجوع في كل مرة إلى نفس مواقع البحث الأمريكية. كما تحدث المحاضر عن عزوف العديد من المؤسسات الصناعية وحتى الجامعات عن تدعيم مواقعها بالمعطيات الحديثة، مما يجعل المواطن عاجزا عن جمع المعطيات التي يريد الاطلاع عليها، وهو ما يجعل الهيئات العالمية المتخصصة في إنجاز دراسات عن واقع الجامعات والصناعة في الجزائر تصنفها دوما في آخر الترتيب من منطلق أنها لا تجد ما تجمعه من معلومات عن الواقع بالجزائر. وبخصوص اليد العاملة المؤهلة، أكد السيد كحلان أن الجامعات الجزائرية تساهم سنويا في تكوين آلاف التقنيين و المهندسين لكن عملهم بعد التخرج ينحصر في صيانة الشبكات وبرمجة أنظمة معلوماتية أجنبية. ومن بين الهيئات التي تستغل التكنولوجيات الحديثة في عملها هناك جامعة التكوين المتواصل التي طورت علاقتها مع الطلبة وتحولت من المراسلة سنة 1990 إلى البريد الإلكتروني سنة 2012، مما سمح برفع عدد الطلبة من 11 ألف إلى 88 ألف طالب يواصلون دراستهم عبر 11 فرعا، وحسب المستشار الإداري بالجامعة، السيد قايد خالد، فإن التفكير اليوم منصب على إطلاق خدمة جديدة مع دخول خدمات الجيل الثالث للهاتف النقال بغرض التحول إلى خدمة "التعليم عبر النقال"، مما يسمح للطلبة بتلقي دروسهم وإعداد التمارين أينما كانوا.