أعطت تصريحات الأخضر الإبراهيمي المبعوث الدولي إلى سوريا بالعاصمة الروسية، أمس الانطباع، بأنه بدأ يفقد تدريجيا الأمل في إمكانية إنهاء الأزمة المستفحلة في هذا البلد بالطرق السياسية في تعارض مع درجة التفاؤل التي ميزت موقفه عشية عيد الأضحى، الذي كان يرى فيه المناسبة الدينية المواتية لتوصل الفرقاء إلى تسوية تنهي 19 شهرا من الاقتتال الدامي. ويصل الموفد الدولي اليوم إلى العاصمة الصينية في ثالث محطة مشاورات يجريها بعد محطتي باريس وموسكو على اعتبار أن الإبراهيمي مازال يرى أن تسوية هذه الأزمة يمر أيضا عبر بكين التي تبقى أحد أهم حلفاء النظام السوري عله يجد لدى سلطات هذا البلد أفكارا ومقترحات جديدة قد تساعده في التوصل إلى تسوية أزمة استعصى حلها على المجموعة الدولية. لكن تصريحات الإبراهيمي في العاصمة الروسية موسكو، التي حل بها قادما من باريس الفرنسية حملت كل أنواع الشعور بالتشاؤم بعد أن نعت الوضع في سوريا ب "الخطير جدا،، جدا" وإلى درجة جعلته يصف ما يحدث بالحرب الأهلية، وقال متسائلا "إذا لم تكن كذلك فما هي إذن؟". وقال بعد لقاء جمعه بوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن الأزمة السورية خطيرة جدا والأوضاع متردية وما انفكت تزداد تأزما. وهي القناعة التي خلص إليها بعد قرابة شهر من الاتصالات مع الأطراف المعنية مباشرة بوقف الاقتتال الدائر بين طرفي الحرب السورية ودول الجوار وكل الأطراف التي لها علاقة بما يحدث أو لها القدرة على التأثير على صيرورة الأحداث هناك. ويكون مرد لغة التشاؤم التي ميزت تصريحات الإبراهيمي، أمس، إلى عدم امتثال الأشقاء المتحاربين في سوريا لندائه بوقف المواجهات خلال أيام عيد الأضحى والتي راهن عليها من أجل وضع خطة مسار تسوية سياسية كفيلة بوضع نهاية لحرب دمرت كل مقومات الدولة السورية. وعلق الإبراهيمي كل آماله على التعهدات التي قطعها مسؤولو الجانبين المتحاربين خلال زيارته إلى دمشق الأسبوع الماضي الالتزام بهذه الهدنة، لكنه فوجئ بعدم امتثالهما وانهار كل شيء في وقت راح فيه كل طرف يحمل الطرف الآخر مسؤولية هذا الانهيار. ولم يجد مبعوث الأمين العام الأممي إلى سوريا من ملاذ لإنقاذ مساعيه من النهاية التي عرفها سابقه كوفي عنان سوى اللجوء إلى المجموعة الدولية من أجل توحيد مواقفها لإيجاد تسوية لهذه الأزمة. وقد تأكد الإبراهيمي، أمس، أنه لم يكن الوحيد الذي أصيب بخيبة أمل حادة بسبب انهيار الهدنة التي لم تعمر سوى ساعات، حيث أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن خيبته لعدم سماع المتحاربين لنداء الإبراهيمي وراحوا يتقاتلون بضراوة أكبر من تلك التي ميزت المواجهات بينهما قبل عيد الأضحى. ولم تخرج تصريحات الأمين العام الأممي بان كي مون عن دائرة خيبة الأمل و«التشاؤم العميق" عندما أيقن أن نداء موفده الخاص قد انهارت قبل أن يرى النور وكان كالجنين الذي يولد ميتا وهو ما جعل الخيبة شاملة في وقت بقي كل العالم يترقب حلول العيد عله يأتي بجديد على طريق التسوية النهائية لحرب أهلية غير معلنة. وقال بان كي مون لدى تسلمه لجائزة خاصة بالعاصمة الكورية الجنوبية سيول إن "هذه الأزمة لا يمكن تسويتها بمزيد من الأسلحة وإراقة الدماء"، وحث لأجل ذلك مجلس الأمن الدولي ودول الجوار السوري الإيفاء بالتزاماتها والعمل من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار. وبين التشاؤم والأمل، انتقل الإبراهيمي إلى روسيا والصين وقبلها إلى فرنسا وقال إنه حامل لأفكار جديدة علها تحدث نقلة نوعية على طريق إنهاء هذه الحرب. وفي ظل الاحتقان الذي يميز مواقف أطراف هذه المعضلة بقيت وتيرة المواجهات في منحاها التصاعدي وبعمليات نوعية كانت آخرها عملية تفجير انتحاري هز، أمس، إحدى ضواحي العاصمة دمشق وخلفت في حصيلة أولية مصرع عشرة أشخاص بينهم نساء وأطفال.