يواصل كريستوفر روس المبعوث الشخصي للامين العام الاممي إلى الصحراء الغربية زيارته إلى المنطقة التي شكلت الرباط أول محطة فيها في انتظار انتقاله إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين وباقي عواصم الدول الأخرى في المنطقة وبعض العواصم الأوروبية المدرجة في هذه الجولة. وقال روس في أول تصريح له بعد لقائه العاهل المغربي محمد السادس أن زيارته إلى المنطقة هي استمرار للمهمة التي كلفه بها الأمين العام الأممي قبل ثلاث سنوات. وأضاف انه عاد إلى المنطقة بهدف "تقييم خمس سنوات من التفاوض غير المباشر واستقاء الأفكار حول أنجع الطرق لتحقيق تطور عملي في مسار المفاوضات وبحث التطورات الأخيرة على ملف الصحراء الغربية". وينتظر أن يسلم لدى عودته إلى نيويورك نتائج ملاحظاته في تقرير إلى الأمين العام الأممي الذي سيقوم بدوره بتسليمه إلى أعضاء مجلس الأمن الدولي نهاية شهر نوفمبر القادم. وحتى وان لم تتسرب أية معلومات حول ما دار في المحادثات بينه وبين العاهل المغربي فان تساؤلا يبقى مطروحا حول الكيفية التي تعاملت وفقها السلطات المغربية مع هذه الزيارة وهي التي سبق وأن سحبت ثقتها من روس بزعم انه لم يعد أهلا للعب دور الوسيط وبتهمة انحيازه إلى الطروحات الصحراوية. ولكن خلفية الموقف المغربي الرافض لبقاء روس مبعوثا خاصا للامين العام الاممي جاء بعد أن كشف عن نيته في زيارة المدن الصحراوية المحتلة وهو ما جعل السلطات المغربية تستشعر الحرج الذي يمكن أن تجد نفسها فيه وخاصة وأن آلاف الصحراويين كانوا ينتظرون هذه الزيارة "التاريخية" لنقل معاناتهم وإسماع صوتهم للعالم بأنهم يرفضون الأمر الواقع الذي تفرضه عليهم المغرب بقوة الحديد والنار. وأرغمت الرباط على قبول روس مبعوثا خاصا بعد أن تمسك به الأمين العام الاممي والولايات المتحدة ولم يكن بوسع فرنسا فعل أي شيء لنصرة الموقف المغربي. ولكن ذلك لا يمنع من التساؤل حول حظوظ نجاح روس هذه المرة في الخروج بأرضية توافقية بين طرفي النزاع تقود إلى تطبيق القرارات الأممية المتعلقة بالصحراء الغربية والمقرة جميعها بأحقية الشعب الصحراوي في تقرير مصيره. وكان الموفد الاممي حل السبت الماضي بالعاصمة الرباط ضمن أول محطة في جولته إلى شمال إفريقيا وأيضا إلى بعض العواصم الأوروبية ومن المقرر أن تستمر إلى غاية 15 نوفمبر القادم. والتقى روس في الرباط بالعاهل المغربي محمد السادس ورئيس الحكومة عبد الإله بن كيران ووزير الشؤون الخارجية والتعاون سعد الدين العثماني ووزير الداخلية محند العنصر والوزير المنتدب لدى وزير الداخلية شركي درايس. كما التقى ولأول مرة بخمس شخصيات سياسية ومن المجتمع المدني المغربي قصد استقاء وجهات نظرهم حول سبل تسوية القضية الصحراوية التي تجاوزت عقدها الثالث دون مؤشرات على تسويتها. وبالتزامن مع زيارة روس، أكد احمد بوخاري ممثل جبهة البوليزاريو في الأممالمتحدة أن نقطة الارتكاز الرئيسية في المفاوضات بين الجبهة والمغرب التي ترعاها الأممالمتحدة منذ سنوات هي تمكين الشعب الصحراوي من تقرير المصير عبر إجراء الاستفتاء الحر والنزيه تحت إشراف دولي. وبينما أكد بوخاري أن "جولة روس تهدف إلى تبادل وجهات النظر مع فاعلين أساسيين حول الطريقة التي يمكن بها تسريع المسار نحو التوصل إلى الهدف الرئيسي الذي حددته قرارات متكررة صادرة عن مجلس الأمن الدولي في التوصل إلى حل سياسي متفق عليه من الطرفين يمكن من تقرير مصير شعب الصحراء الغربية". وأضاف ان "النظام المغربي لا يزال يسبح بعيدا عن الشرعية الدولية وحق الشعوب في تقرير المصير" بدليل ان الرباط تنظر إلى حق تقرير المصير بأنه "مسألة ثانوية سطحية" تتمثل وظيفته في "تأكيد اتفاق يجب أن ينص بدوره حصريا على إدماج الإقليم داخل المغرب وأن يكون ذلك هو الهدف الوحيد للمفاوضات". وهو ما قاد المسؤول الصحراوي إلى التذكير بالمقترح الصحراوي الذي قال انه يختلف عن الطرح المغربي من حيث كونه "يترك الباب مفتوحا أمام جميع الخيارات المعترف بها من طرف الأممالمتحدة لمعالجة مشكل تصفية استعمار"، موضحا انه من منظور جبهة البوليساريو يجب أن تكون نقطة المركز فيها هي استشارة الشعب الصحراوي ويكون هدفها النهائي هو إزالة العراقيل أمام إجراء استفتاء تقرير المصير". وقال في هذا الشأن بان هذه الرؤية تم التأكيد عليها من طرف الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره لشهر أفريل 2011 حين شدد على أن "معرفة رأي الشعب الصحراوي هي العنصر المركزي في البحث عن أي حل عادل ودائم". من جهة لأخرى، تنظم اللجنة الوطنية الجزائرية للتضامن مع الشعب الصحراوي، ابتداء من اليوم والى غاية يوم الجمعة القادم، سلسلة من النشاطات "للتأكيد مجددا" على دعمها لكفاح الشعب الصحراوي والتنديد "بالانتهاكات المكثفة" لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة للصحراء الغربية.