التقى الرئيس المصري محمد مرسي، أمس، بأعضاء المجلس الأعلى للقضاء في مسعى لإيجاد مخرج للأزمة التي اندلعت على خلفية قراراته الأخيرة التي عزز بموجبها صلاحياته الرئاسية.والمؤكد أن النتيجة التي سيخرج بها هذا اللقاء سيكون لها أثرها على مسار الأزمة إما باتجاه الانفراج في حال اقتنع القضاة بتبريراته، التي دفعته إلى اتخاذ مثل هذه القرارات أو باتجاه تعقيد وضع لم يعرف معنى الاستقرار في مصر حتى بعد انتخاب أول رئيس مدني في البلاد في جوان الماضي. وفي انتظار ما سيسفر عنه لقاء القضاة مع الرئيس، تبقى أجواء التوتر تخيم على ميدان التحرير ومختلف المدن المصرية، التي كلما توشك نار محتجيها على الخمود حتى تعاود الاشتعال مجددا لسبب أو لآخر. وواصل المصريون، أمس، لليوم الرابع على التوالي اعتصامهم في ميدان التحرير وبمحيطه احتجاجا على الإعلان الدستوري الصادر عن الرئيس محمد مرسي. ورغم استمرار توافد المعتصمين على ميدان التحرير، فقد ساد نوع من الهدوء في كافة أرجائه والشوارع المحيطة به وذلك بعد يوم من اشتباكات دامية دارت بين متظاهرين وقوات الأمن قتل إثرها شخص وأصيب 60 آخرون، في وقت أحصت فيه وزارة الصحة إصابة ما لا يقل عن 297 شخصا منذ بداية الاشتباكات الجمعة الماضية. وقامت أجهزة الأمن، أمس، بشن حملة اعتقالات واسعة ضد من وسمتهم ب “الخارجين عن الشرعية والقانون في الشارع المصري”. وقالت إن هذه الحملة التي تستمر 24 ساعة تهدف إلى “ضبط الخارجين عن القانون وضبط حائزي الأسلحة النارية والبيضاء وتجار المواد المخدرة والفارين من السجون وذلك لإحكام السيطرة الأمنية على المنطقة”. وكان 18 حزبا وقوى سياسية أصدروا بيانا بعد انتهاء فعاليات ما أطلق عليه “جمعة الغضب والإنذار” أعلنوا فيه اعتصامهم داخل الميدان احتجاجا على الإعلان الدستوري محل الجدل ودعوا إلى تنظيم مسيرات حاشدة تنطلق اليوم من مختلف المواقع بالقاهرة والجيزة تجاه ميدان التحرير. ويتضمن الإعلان الدستوري، الذي أصدره الرئيس مرسي الخميس الماضي تحصين الجمعية التأسيسية للدستور ومجلس الشورى ضد الحل وتحصين كل القرارات والقوانين التي أصدرها من الطعن أو الإلغاء إلى حين وضع الدستور الجديد للبلاد وانتخاب مجلس الشعب الجديد. وهو ما اعتبره معارضوه تعديا صارخا على الشرعية الدستورية ومحاولة من الرئيس الإخواني لفرض حكم شمولي بما يهدد ذلك المبادئ التي انتفض من أجلها الشارع المصري قبل حوالي عامين. في السياق، أعلن المعارض محمد البرادعي رفضه “لأي حل وسط” بشأن الإعلان الدستوري، وقال “لا لأي حل وسط لهذه الأزمة” و«أؤمن بأهمية الحوار وأعمل من أجل التوصل إلى حلول وسط للقضايا الدبلوماسية... لكن لا حلول وسط في المبادئ”. وذهب البرادعي إلى حد التأكيد أن الرئيس المصري “أخطأ وعليه أن يتراجع عن الإعلان الدستوري ويشكل جمعية تأسيسية تمثل فئات وطوائف الشعب ويشكل حكومة إنقاذ وطني تخرج البلاد من أوضاعها الأمنية والاقتصادية المتردية”. وهي نفس المطالب التي رفعها المعتصمون بميدان التحرير، الذين طالبوا بإصدار تشريع للعدالة الانتقالية يضمن القصاص للأشخاص الذين قتلوا أثناء الاشتباكات وإقالة حكومة هشام قنديل وتشكيل حكومة ثورية وإعادة هيكلة وزارة الداخلية وتطهيرها. وردا على المظاهرات المعارضة للرئيس المصري، دعت جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي إليها الرئيس مرسي، كافة المصريين إلى تنظيم وقفات تضامنية عبر ربوع البلاد للتعبير عن تأييدهم لقراراته والوقوف إلى جانبه في أول امتحان يواجهه منذ توليه السلطة في جوان الماضي. وفضل الإخوان تنظيم مظاهرتهم الحاشدة بميدان عبدين المقابل للقصر الرئاسي لتفادي أي احتكاك مع معارضي الرئيس المعتصمين بميدان التحرير.