رفضت الولاياتالمتحدةالأمريكية التصويت على اللائحة الأممية، التي تحصلت فلسطين بموجبها على صفة الدولة المراقب غير العضو في الأممالمتحدة في موقف منتظر وكشف مجددا مدى الانحياز الذي تبديه أكبر دولة في العالم لإسرائيل على حساب حقوق الشعب الفلسطيني. وعبرت سوزان رايس، سفيرة الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة، عن أسفها لتبني الجمعية العامة الأممية بالأغلبية الساحقة للائحة وحذرت من أن هذه الخطوة "لا تجعل من فلسطين دولة قائمة بذاتها". ووصفت المسؤولة الأمريكية اللائحة بأنها غير بناءة وتضع مزيدا من العراقيل أمام عملية السلام رغم أنها عملية انهارت منذ سنوات بسبب التعنت الإسرائيلي الرافض لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والذي وجد في الدعم الأمريكي محركا قويا له. وكان الموقف الأمريكي منتظرا، خاصة وأن واشنطن حذرت منذ البداية من عواقب قيام السلطة الفلسطينية بهذه الخطوة، التي وصفتها بأحادية الجانب حتى أنها هددت بمنع المساعدات المالية التي تخصصها سنويا للفلسطينيين. وقد توقع الرئيس عباس أن تفرض الولاياتالمتحدةالأمريكية عقوبات على السلطة الفلسطينية بسبب القرار الأممي وقال "نتوقع عقوبات من الأمريكيين... ومعنى ذلك أنهم لا يريدون السلطة". وأكد عباس أن الأسابيع التي سبقت تقديم الطلب الفلسطيني للأمم المتحدة كانت صعبة للغاية بعد تعرضه لضغوط هائلة من أجل عدم الذهاب إلى الأممالمتحدة. و لم يخرج الموقف الإسرائيلي عن الموقف الأمريكي، حيث لم يحتمل رئيس وزرائها بنيامين نتانياهو مضمون الخطاب الذي ألقاه الرئيس الفلسطيني قبل انطلاق عملية التصويت ووصفه ب "الملفق وتضمن عبارات مسمومة مملوءة بالدعاية المضللة ضد الجيش الإسرائيلي والمواطنين الإسرائيليين". وذهب نتانياهو إلى التحذير من أن "القرار الأممي لن يغير أي شيء على أرض الواقع"، وبلهجة فيها الكثير من التحدي قال إنه "لن تكون هناك دولة فلسطينية دون ضمانات لحماية أمن الإسرائيليين". وكرد سريع على الخطوة الفلسطينية، قررت الحكومة الإسرائيلية السماح ببناء ثلاثة آلاف وحدة سكنية جديدة في القدسالمحتلة والضفة الغربية، وتعزيز إجراءات التخطيط لبناء 1000 وحدة سكنية في المنطقة، التي تصل بين مستوطنة (معاليه ادوميم) في الضفة الغربيةوالقدس. وحسب الصحيفة الإسرائيلية (ايديعوت أحرونوت) الصادرة أمس عن مسؤول حكومي قوله إن "إسرائيل تدرس تدابير إضافية"، زاعما أن "استمرار البناء يأتي دعما للمصالح الاستراتيجية الإسرائيلية". وتحصلت فلسطين على صفة الدولة المراقب في الأممالمتحدة في تصويت تاريخي للجمعية العامة الأممية مساء أول أمس أيدت من خلاله 138 دولة الطلب الفلسطيني، فيما امتنعت 41 دولة من بينها بريطانيا ورفضته تسع دول من بينها إسرائيل، الولاياتالمتحدة وكندا. وفي تعليقه على القرار، قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إن بلاده تحترم قرار الأممالمتحدة منح فلسطين صفة دولة مراقب وذلك رغم امتناعها عن التصويت، مضيفا "سنضاعف جهودنا لإعادة إطلاق عملية السلام وسنستمر في دعمنا الحازم للرئيس عباس والسلطة الفلسطينية وحل الدولتين". وقوبلت اللائحة بترحيب دولي واسع، حيث سارعت العديد من الدول عبر العالم إلى تهنئة الفلسطينيين بهذا النصر ولو أنه يبقى رمزيا باعتبار أن قرارات الجمعية العامة الأممية غير ملزمة، لكنه يشكل خطوة أولى في مسيرة الألف ميل التي قد تنتهي يوما باعتراف دولي بفلسطين دولة مستقلة. وكان من بين أولى الدول المصوتة لصالح القرار الأمميفرنسا، التي قال رئيسها فرانسوا هولاند إن بلاده "قامت باختيار متناسق بهدف التوصل إلى حل دولتين تتعايشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن"، واعتبر الرئيس هولاند أنه من أجل التوصل إلى هذا يجب استئناف مفاوضات السلام دون شروط وفي أقرب وقت ممكن. نفس الموقف عبرت عنه الصين، أمس، التي وصفت المحاولة الناجحة لفلسطين من خلال الاعتراف بها كدولة مراقب غير عضو في الأممالمتحدة، بأنها "خطوة إيجابية" في سبيل الحصول على استقلالها. وقال هونغ لي المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية إن هذا يظهر أن القضية العادلة للشعب الفلسطيني لإعادة صيانة حقوقهم الوطنية القانونية حصلت على المزيد من الدعم المكثف من قبل المجتمع الدولي، مضيفا أن الصين صوتت لصالح مشروع القرار مع العديد من الدول الأعضاء بالأممالمتحدة. وتوالت ردود الفعل المرحبة باللائحة التي رفعت تمثيل فلسطين من مجرد "كيان" إلى "دولة مراقب" في الأممالمتحدة، حيث هنأت منظمة التعاون الإسلامي والفاتيكان والجامعة العربية الشعب الفلسطيني بهذا الانتصار. وأكد الأمين العام المساعد للشؤون الفلسطينية والأراضي العربية المحتلة محمد صبيح في تصريح استمرار دعم الجامعة العربية للجهود الفلسطينية الرامية لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطين المستقلة كاملة السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف.