أجمع مجاهدون وأعضاء من قدماء جمعية وزارة التسليح والاتصالات العامة "مالغ"، أمس، بالجزائر العاصمة، على الدور الكبير والفعال الذي لعبه الفقيد عبد الحفيظ بوصوف عضو مجموعة ال22 التاريخية وعضو الحكومة المؤقتة في دعم وعصرنة الكفاح المسلح ضد الاستعمار الفرنسي من خلال إنشائه لأول جهاز استخباراتي أثناء الثورة تمكن من قلب موازين القوى وصد كل محاولات الاختراق التي كانت تقوم بها القوات الاستعمارية. وأوضح أعضاء سابقون في جيش التحرير الوطني في ندوة تاريخية لمنتدى الذاكرة انتظمت بمنتدى المجاهد تحت عنوان "عبد الحفيظ بوصوف من مجموعة ال22 التاريخية إلى قيادة الولاية الخامسة "5" التاريخية ثم وزارة التسليح والاتصالات العامة"، المساعي الحثيثة والشجاعة التي كان يتحلى بها الرجل "أب المخابرات الجزائرية" لوضع اللبنات الاولى في بناء وتسيير وزارة التسليح والاتصالات العامة المعروفة ب«المالغ" بهدف حماية الثورة المسلحة وتدعيم القدرات اللوجيستيكية لجيش التحرير في صد أي محاولة اختراق محتملة من العدو الفرنسي. وأكد رفيق المرحوم المجاهد عبد القادر بوخاري في تدخل له خلال هذه الندوة بمناسبة الذكرى ال32 لرحيل عبد الحفيظ بوصوف بأن هذا الأخير ساهم بقدر كبير وفعال في وضع القاعدة الاساسية لمدارس تكوين الاطارات الجزائرية في مجال الاتصالات السلكية واللاسلكية وحماية الثورة من الاختراقات لاسيما من خلال استحداثه لجهاز الاتصالات العامة الذي كان له الدور المحوري في ذلك فيما بعد، معتبرا أن الرجل ازداد حنكة في التسيير والتخطيط المسلح بفضل احتكاكه الدائم بالشهيد العربي بن مهيدي خاصة مع تقلده مناصب المسؤولية على رأس الولاية الخامسة التاريخية قبل أن يعين فيما بعد قائدا لها برتبة عقيد ثم وزيرا بالحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية مكلفا بالتسليح والاتصالات العامة. وأضاف السيد بوخاري أن المرحوم تمكّن في ظرف وجيز من تشكيل شبكات لمختصين في مجال الاتصالات العامة داخل الجزائر وخارجها في سبيل حماية الثورة المسلحة وجلب الاسلحة والذخيرة ونقلها عبر مختلف المناطق الحدودية، مضيفا أن كل هذه الجهود كللت في الأخير بإنشاء مصانع للأسحة داخل الجزائر فيما بعد. وبدوره، أبرز المجاهد والعقيد المتقاعد حسين سنوسي المحطات الكبرى التي ميّزت نضال الراحل بوصوف المدعو "السي مبروك" في صفوف الحركة الوطنية وخلال الثورة المسلحة إلى جانب عمله البارز لتطوير جهاز الاتصالات وسلاح الاشارة بمختلف وحدات ومصالح جيش التحرير الوطني. كما تطرق إلى الاتصالات التي كان يجريها الرجل من أجل محاولة إكساب جيش التحرير الخبرة والكفاءة المطلوبة لاسيما من ناحية تكوين الاطارات الوطنية في شتى التخصصات تحسبا لفترة الاستقلال. ومن الجانب التاريخي، ثمّن الكاتب والمؤرخ محمد عباس الدور المشرف الذي قام به الراحل عبد الحفيظ بوصوف أثناء الثورة وبعد الاستقلال، باعتباره أحد الرجالات الذين تمكنوا من إحداث نقلة نوعية في هيكلة النضال والكفاح المسلح ضد القوات الاستعمارية الفرنسية من خلال عصرنته لمهام تنظيم "المالغ" الذي تحول فيما بعد لجهاز استخباراتي قائم بحد ذاته تمكن من لعب دوره الفعال داخل وخارج الوطن. كما اعتبر السيد عبّاس أن وزارة التسليح والاتصالات العامة كانت درعا متينا في وجه العدو الفرنسي الذي عجز عن اختراقها، مؤكدا أن كل الفضل يعود إلى هذا الرجل "بوصوف" ورفاقه في التنظيم الذين استطاعوا قلب موازين القوى وجعلها في صالح الثورة المسلحة. وفي الأخير، أشاد المدير العام للأرشيف الوطني، السيد عبد المجيد شيخي، في تدخل مقتضب خلال هذه الندوة بالتضحيات الجسام التي قدمها الشعب الجزائري في ثورة نوفمبر الخالدة من أجل استرجاع السيادة الوطنية وافتكاك الاستقلال، منوها في نفس الوقت بالدور البارز للمجاهد الراحل بوصوف في دعم الثورة المسلحة وتكوين إطارات جيش التحرير الوطني من أجل الحرية. كما دعا الشباب إلى ضرورة الاستلهام من المسيرة العطرة لهؤلاء الرجال الذين صنعوا بكل شرف تاريخ الجزائر وتمكوا من كتابة أسمائهم بأحرف من ذهب في قائمة الشهداء. وفي ختام الندوة، قدم بعض رفاق المرحوم شهادات حية عن نضاله قبل وبعد الثورة إلى جانب دوره في إدارة وتسيير وزارة التسليح والاتصالات العامة وعمله على مستوى الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية خاصة مساعيه المشرفة للتوفيق بين ميدان المخابرات ومجالات التسليح والعتاد. ويذكر أن عبد الحفيظ بوصوف من مواليد 17 أوت 1926 بولاية ميلة وقد وافته المنية يوم 31 ديسمبر 1980 بباريس إثر إصابته بنوبة قلبية مفاجئة، وخصصت الحكومة الجزائرية آنذاك طائرة خاصة لنقل جثمان الرجل إلى الجزائر. وجاء تنظيم الندوة في إطار الاحتفالات المخلدة للذكرى ال50 لاسترجاع السيادة الوطنية، وإحياء للذكرى ال32 لرحيل الفقيد عبد الحفيظ بوصوف عضو مجموعة ال22 التاريخية وعضو الحكومة المؤقتة.