بتاريخ 28 يناير الجاري، ستمر الذكرى ال 14 لرحيل عميد الكوميديين الجزائريين، أحمد عياد، المعروف باسم رويشد، تاركا فراغا كبيرا في حقل الفكاهة الهادفة والرزينة في الجزائر، إذ رغم بروز العديد من الممثلين في العقدين الماضيين، إلا أنهم لم يستطيعوا أن يغطوا ويسموا إلى مستوى أسماء عديدة على غرار رويشد، محمد التوري أو المفتش الطاهر. بقيت الذكريات تستحضر من سنة لأخرى، من خلال مشاهدة ما تركوه من أعمال تخلدهم، وبمناسبة رحيل الممثل القدير والنجم الكوميدي رويشد، ارتأى الديوان الوطني للثقافة والإعلام استحضار مسار الفقيد، بتخصيص عرضين لفيلمين مهمين لعب فيهما رويشد دور البطولة، وهما الفيلم الثوري الشهير “الأفيون والعصا” للمخرج أحمد راشدي، وفيلم “حسان نية” للغوثي بن ددوش، وذلك بقاعة الموقار من 29 إلى 31 يناير الجاري. ويعد رويشد من أشهر الممثلين والكوميديين الجزائريين في المسرح والسينما وآخر الأوراق المتميزة في الفن الراقي في جيله، وتجده يعترف بذلك في الفيلم الوثائقي “رويشد.. صورة في ألبوم” للصحفي عبد الكريم سكار، عاش طفولة صعبة، أحب كرة القدم كثيرا ومارسها لفترة، وما لبث أن درس لسنوات معدودة حتى وجد نفسه يشتغل ماسحا للأحذية كمعظم الأطفال الجزائريين المضطهدين تحت نير الاحتلال الفرنسي. وبمساعدة من الممثل عمر لعواصي، التحق بفرقة “رضا باي” المسرحية الهاوية التي مثل فيها بعض الأدوار الكوميدية في مسرحيات قصيرة، وتبين أنه كان متأثرا بالفنان الراحل رشيد قسنطيني حتى أنه أصبح يعرف ب “رويشد”. وفي سنة 1942، وبدعوة من محي الدين باشطارزي الذي كان يدير فرقة المسرح العربي بقاعة الأوبرا في العاصمة، انضم إلى الفرقة ومثل فيها العديد من المسرحيات لمدة 7 سنوات، وفي 1949 انضم إلى فرقة محمد الرازي، ومثل إلى جانب الممثل القدير حسان الحسني في العديد من المسرحيات، أهمها “مصائب بوزيد” و«بوزيد والجن”، ثم التحق بالإذاعة الوطنية عام 1953 وأدى فيها بعض السكاتشات في حصة إذاعية تسمى الدراوشي ثم في حصة أخرى بعنوان “اشرب واهرب”. ونظرا لمواقفه المعادية للإدارة الاستعمارية في أعماله المسرحية، زُج به في سجن سركاجي مدة عامين، ومع إنشاء فرقة المسرح الوطني بعد استرجاع الاستقلال، أصبح رويشد أحد أعضائها الفاعلين، وضخ كل مجهوداته فيها وكذا في السينما. ينحدر رويشد من القبائل ومن منطقة أزفون بالتحديد، ولد يوم 20 أفريل 1921 ببئر جباح بقصبة الجزائر العاصمة، وتوفي في 28 يناير 1999 بالأبيار، وقد مثل رويشد في عدة أفلام ولمع نجمه في أدوار حسن نية وحسن طيرو وحسن طاكسي، كما برع في المسرح، حيث كتب “البوابون” وأخرجها مصطفى كاتب سنة 1970، كما ألف وأخرج رويشد مسرحية “حسان طيرو” وعرضت أول مرة سنة 1963. وعبر فيلم “الأفيون والعصا” المنتج عام 1969، يظهر رويشد في دور لم يألفه معجبوه، حيث أدى دور العميل لدى السلطات الفرنسية الاستعمارية أو ما يعرف ب«الحركي”، وقد أدى الدور بروعة فائقة، ويحكي الفيلم سنوات النضال في الجزائر إبان الثورة الجزائرية، ومثل فيه إلى جانب ممثلين جزائريين عدد من الممثلين الفرنسيين، ويعرض قصة قرية جزائرية في جميع مظاهرها أثناء المقاومة، كما رآها الذين عاشوها وتجاوبوا معها وتحملوها. كما تتذكر الجماهير المواكبة لأعماله فيلمه الساخر “حسان نية”، إذ تعالج أحداثه قضايا اجتماعية في قالب هزلي بطله رويشد، الذي يتميز بدقته في نقل الظواهر الاجتماعية بتفاصيل متناهية عبر قنوات السلاسة والطرافة التي يحسن أداءها.