تتواصل ردود الأفعال الدولية المنددة بالعملية الإرهابية التي استهدفت الموقع الغازي لتيقنتورين (إن أمناس-إيليزي)،داعية إلى ضرورة التجند لمواجهة هذه الظاهرة العابرة للقوميات، مبرزة صواب الرؤية الجزائرية في طريقة معالجة أزمة الرهائن حيث أنه لم يكن هناك خيار آخر سوى هذا الحل. وفي هذا الصدد، أدانت رئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي، السيدة نكوسازانا دلاميني-زوما "بشدة" الاعتداء الإرهابي، معربة عن تضامن الاتحاد الإفريقي مع الجزائر، وأشار مصدر دبلوماسي إلى أن السيدة دلاميني-زوما جددت خلال لقائها الأربعاء الأخير مع الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية، السيد عبد القادر مساهل، "الإدانة القوية" للاتحاد الإفريقي لعملية احتجاز الرهائن معربة عن تضامن المنظمة القارية مع الجزائر". من جهته، أشار المجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي، أول أمس، بأديس أبابا (إثيوبيا)، إلى أن اغتيال عشرات الأشخاص الأبرياء خلال الاعتداء الإرهابي يجب أن يشجع التجند لمكافحة الإرهاب في بلدان الساحل الإفريقي. وفي كلمته الافتتاحية للدورة ال 22 للمجلس التنفيذي للاتحاد الإفريقي، أكد السيد ناصيرو باكو-أريفاري، الرئيس الحالي للمجلس التنفيذي، أن عملية حجز الرهائن "يجب أن تستوقفنا للتجند العام من أجل التطبيق الفوري للائحة 2085 لمجلس الأمن الأممي من أجل إعادة نشر سريع للبعثة الأممية لدعم مالي". كما أعرب الوزير الأول الفرنسي، السيد جان مارك إيرولت، الأربعاء الماضي أمام الجمعية الوطنية عن دعمه للجزائر إثر احتجاز الرهائن بالمنشأة الغازية لتيقنتورين بإن أمناس (إيليزي). وأكد أمام النواب الفرنسيين في هذا الشأن "ما قامت به الجزائر كان صعبا، أعتقد أن هذا البلد الذي عانى من ويلات الإرهاب لسنوات طويلة يدرك تماما ما يعني ذلك، وأعتقد أنه كان لا بد هذه المرة أيضا أن ترفض العنف كما فعلت". أما الوزير الأول الكندي، السيد ستيفان هاربر، فقد أكد أن بلده سيواصل العمل مع الحكومة الجزائرية حول تورط رعايا كنديين في الاعتداء الإرهابي الأخير الذي استهدف الموقع الغازي لتيقنتورين، ونقلت وكالة الأنباء الكندية عن السيد هاربر خلال ندوة صحفية قوله إن "المسؤولين الكنديين على اتصال مع الحكومة الجزائرية، ليس لدينا معلومات هامة لحد الساعة، لكننا سنواصل العمل مع الحكومة الجزائرية لمعرفة المزيد عن هذه القضية". وكان الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، قد أوضح خلال ندوة صحفية الاثنين الماضي أن الإرهابيين الذين اعتدوا على الموقع الغازي لتيقنتورين يحملون 8 جنسيات مختلفة، منهم اثنان من جنسية كندية، وأكد الوزير الأول الكندي -من جهة أخرى- أنه لم يتصل بعد بنظيره الجزائري السيد سلال. من جانبها، أشارت إذاعة الفاتيكان نقلا عن الأب بلان جان هوفت إلى أن الجزائريين الذين عانوا من العشرية السوداء خلال التسعينات يرفضون الخضوع مجددا لإرهاب المجموعات الدينية المتطرفة. وأكد الأب جان هوفت، الذي يقيم بالجزائر منذ 43 سنة، أن "المواطنين غير راضين عما حدث ويشعرون بالخجل كون أشخاص يدعون الإسلام يرتكبون أعمالا مثل هذه". وفيما يخص تدخل الوحدات الخاصة لتحرير الرهائن، أوضح أنه "لم يكن هناك خيار آخر" سوى هذا الحل، مشيرا إلى أنه "لا تفاوض مع الذين يرفضون الحوار ويريدون فرض رأيهم". وعن سؤال حول موقف الجزائريين حيال التدخل العسكري ضد محتجزي الرهائن، أكد رجل الدين أن الجزائريين "موافقون على العمل الذي قامت به السلطات ضد الإرهابيين"، مضيفا أن الجزائريين يتضامنون مع الأجانب مثلما يفعلون مع مواطنيهم في إشارة منه إلى ضحايا الهجوم الإرهابي. وأبرز في هذا الإطار "تضامن" الشعب الجزائري مع ضحايا الإرهاب مهما كان انتماؤهم، مؤكدا أن الجزائريين شعب "متفتح ومتدين ومتفهم لمعاناة الأخرين". وفيما يتعلق برفض الشعب للإرهاب، ذكر الأب هوفت بأن "الجزائر باشرت منذ عشر سنوات خلت مسار الديمقراطية والعصرنة، متصدية للمجموعات الصغيرة التي تريد الاستحواذ على الدولة وفرض دولة إسلامية". أما مدير البحث بمعهد كلييام المتخصص في مكافحة الإرهاب، السيد نومان بن عثمان فقد أشار إلى أن رد الجزائر لتحرير رهائن إن أمناس كان الرد الأنسب، مضيفا في تصريح ل "واج" أن الانتقادات التي سجلت في المملكة المتحدة غداة عملية احتجاز الرهائن بالموقع الغازي في تيقنتورين بينت "نقص فهم واضح للمسائل الأمنية"، مؤكدا أن الجزائر "قد اعتمدت الطريقة الأنسب في مواجهة هذه العملية"، مضيفا أن "النجاعة التي تحلت بها قوات الأمن الجزائرية في الميدان "سمحت بتفادي كارثة في المنطقة"، وأكد الخبير أن "كافة الخبراء يتفقون على القول إن الجزائر اتخذت القرار السديد بالتدخل الفوري في ظروف صعبة قصد تفادي نتائج أكثر مأساوية وهو ما لقي استحسان البلدان الأجنبية"، مدعما أقواله بتصريح الوزير الأول البريطاني دافيد كامرون وقادة آخرين في العالم أيدوا ماقامت به الجزائر لمواجهة اعتداء إن أمناس. ويرى المتحدث أن الاعتداء على الجزائر هو اعتداء على منطقة المغرب العربي كذلك وعلى بلدان المنطقة "تقديم حل عملي في الميدان للدفاع عن أمن ومصالح المنطقة من خلال تغليب الحوار". وقال مدير معهد كلييام إنه "يدعم بقوة" المبدأ الأساسي للجيش الجزائري المتمثل في عدم التدخل في الخارج، وفيما يخص نقص المعلومات التي نشرت خلال العملية أبرز الخبير التجربة التي اكتسبتها الجزائر في المجال الأمني وأنه "من المهم تقييد المعلومات لضمان السير الحسن للعمليات وسلامة الرهائن وهو الهدف الأساسي لعملية الإنقاذ".