تحولت أغلب المنازل العتيقة بحي المدينة القديمة بلاص دارم بمدينة عنابة، إلى مخابز تقليدية لصنع ”الكسرة” التي انتعشت تجارتها مؤخرا، إذ يبدأ الإقبال عليها منذ الصباح الباكر، خلال الجولة الاستطلاعية التي قادتنا إلى الأزقة الضيقة المؤدية إلى حي بلاص دارم، صادفنا طابورا طويلا للزبائن الذين ينتظرون فرصة الظفر بالكسرة التي تتميز حسب عشاقها بنكهة صنعت شهرتها في وقت قصير، رغم تطور المخابز الحديثة واستحواذها على كل رقعة من الولاية، إلا أن ”الكسرة” بقيت سلطان المائدة العنابية ومطلب كل العائلات، خاصة في المناسبات الدينية، ورغم ارتفاع سعرها، حيث تراوح بين 50 و65 دينارا، فلا بديل عنها، حسب السيدة زينب التي تعدّها بطريقة خاصة. تقول؛ ”إن فكرة استحداث مخبزة تقليدية في بيتي، جاء نزولا عند طلبات بعض الزبائن الذين يثقون في طريقة إعداد الخبز التقليدي، ففكرت في فتح دكان صغير وإعداد ”الكسرة” التي ذاع صيتها، خاصة في شهر رمضان، فخلال الأشهر العادية، أحضّر نحو ألف خبزة في اليوم الواحد، أما في المناسبات الدينية والأعراس، فيفوق العرض 4 آلاف خبزة في اليوم. الزائر للمدينة القديمة بلاص دارم، سيلاحظ أن أغلب المنازل العتيقة، خاصة تلك المحاذية لجامع أبو مروان الشريف، كيّفت نشاطها لإعداد ”الكسرة” والحلويات التقليدية، وتعتبر العائلات مثل هذا النشاط مكسبا لها ورزقا إضافيا، خاصة في ظل غلاء المعيشة، إلى جانب تعزيز الموروث العنابي والحفاظ على الأكلات الشعبية، منها ”الكسرة” التي يكثر عليها الطلب من طرف الرجال وحتى النساء العاملات، وفي هذا الشأن، تقول السيدة زينب؛ رغم كثرة المحلات التقليدية التي تعدّ ”الكسرة”، إلا أن ذلك لم يؤثر على نشاطها، لأن التنافس تفرضه النوعية الجيدة والإعداد المميز للخبز التقليدي، ويبقى الرزق على الله. أما عن الأسعار، فتبرر إحدى العائلات ارتفاع سعرها إلى تكاليف الدقيق، الزيت والمكونات الأخرى التي تحدَّد أسعارها في السوق، إلى جانب غلاء غاز البوتان، لهذا تصل القطعة الواحدة منها إلى 70دينارا في أغلب الأحيان. طالبت العائلات التي تعد الخبز التقليدي من وكالة القرض المصغر دعمها بإعانات مالية لفتح محلات تجارية متطورة، تتوفر على كل الإمكانيات الخاصة بالتعريف بالأكلات الشعبية وترويجها. وفي المقابل، وافقت وكالة القرض المصغر على الطلب واستحسنت نشاط المرأة الماكثة في البيت.