التعليم هو العلامة المسجلة التي تركز عليها كل منظومة تربوية وتعمل على أن تجعل منها علامة متميزة لأن بها تقاس كل الكفاءات اللاحقة من اقتصادية وسياسية واجتماعية، ذلك أن أي خلل يصيب عملية التعليم ينعكس بالضرورة على مناحي الحياة الأخرى. والتعليم إذا كان منطلقه التلقين فإن منتهاه التدريب على التفكير وهي الدرجة التي يبدأ عندها المتلقن الاستقلال تدريجيا عن الاعتماد كلية على المعلم (الأستاذ). هذه المعطيات البيداغوجية يعرفها الاختصاصيون في التربية ويدركون قدرات التلميذ في مختلف مراحله العمرية وأطواره التعليمية، ويعرفون بالتالي حجم المعلومات التي تقدم له وما يجب أن يحتفظ به والكم المطلوب منها وهذا بالطبع شأن الاختصاصيين. ثم تأتي الدوائر المكملة (إذا صح التعبير) والتي توفر الأطر المادية والاجتماعية وتوفير المناخ الذي يسمح للمتلقن (التلميذ) بأن ينمو علميا ومعرفيا بعيدا عن الاكراهات الطبيعية والاجتماعية والبيداغوجية. ذلك أن المدرسة مشتلة بامتياز تحتاج إلى رعاية خاصة لأنها هي التي تخرج مواطن الغد الذي يفترض فيه أن يواجه التحديات العلمية والتكنولوجية والاقتصادية المستقبلية المتطورة والمتغيرة باستمرار. وعلى الجيل الذي يسهر على أطفال اليوم أن يدرك حقيقة أنهم خلقوا لزمن غير هذا الزمان وأن يستشرف المستقبل ويضع استراتيجية تعليمية تستجيب لمتطلبات وتطلعات جيل أو جيلين لاحقين. باختصار يجب أن تحدد عملية إصلاح المنظومة التربوية عندنا نوع المعلومات وكميتها المطلوب توفرها عند تلميذ اليوم بعد تخرجه من الطور الجامعي أو على الأقل الواجب أن تتوفر عنده عند ولوج أبواب الجامعة، وفي هذا فليجتهد المجتهدون.