عكست الأحكام الجائرة التي أصدرتها المحكمة العسكرية المغربية في حق نشطاء حقوقيين صحراويين حقيقة العقيدة الاستبدادية لنظام المخزن المغربي من خلال سعيه الحثيث لإخضاع الشعب الصحراوي بقوة الحديد والنار. وأكدت قساوة هذه الأحكام التي سلطت على نشطاء ذنبهم الوحيد مطالبتهم بتقرير مصير شعبهم وبلغت في حق بعضهم المؤبد أن نظام الرباط إنما أراد أن يمرر موقفه القديم المتجدد أنه لا يريد أي مساس بما يدعيه ”وحدته الترابية” التي يعمل على فرضها على الشعب الصحراوي بشتى الوسائل بما فيها إنزال عقوبات سجن جائرة في حق أبرياء لم يهددوا لا الأمن المغربي ولا الوحدة الترابية ولا هم شكلوا جمعية أشرار كما زعم الادعاء العام العسكري الذي أراد بكل الوسائل أن يستغل هذه القضية لكسر إرادة الشعب الصحراوي وجعله يعيش الاستكانة والقهر. وجاء إنزال هذه الأحكام ليؤكد أن الملك ”الديمقراطي” فضل العودة إلى سنوات الرصاص والدم في حق كل صحراوي يجهر برفضه لسياسة الضم والإلحاق التي يريد المخزن المغربي فرضها عليهم تحت غطاء حكم الأقاليم التي ظاهرها تمكين سكان هذه المناطق من سلطات أوسع وهي في جوهرها طريقة ملتوية لاحكام القبضة على إقليم الصحراء الغربية. والواقع أن منطوق الأحكام التعسفية التي أصدرها قاضي المحكمة العسكرية طيلة هذه المحاكمة الصورية كانت منتظرة منذ اعتقال هؤلاء قبل قرابة 27 شهرا. وكشفت إحالة المتهمين على محكمة عسكرية رغم كونهم مدنين ونشطاء حقوقين أن الملك محمد السادس إنما أراد أن يجعل منها قضيته في محاولة يائسة للتغطية على الانتكاسات المتلاحقة التي ضربت الدبلوماسية المغربية خلال السنوات الأخيرة وخاصة في كل ما تعلق بقضية النزاع في الصحراء الغربية. وبقدر ما أضر النظام المغربي بحياة هؤلاء السجناء ودمر مستقبلهم السياسي بقدر ما عمل من حيث لا يعلم على جعلهم ”مانديلا الصحراء الغربية” لن يلبثوا أن يتحولوا إلى شوكة في حلق نظام متهالك. كما أن الأحكام المسلطة على مجموعة ”اكديم ايزيك” جاءت لتغذي الروح الوطنية في أوساط الصحراويين في المدن المحتلة كما الشتات الذين تابعوا أطوار المحاكمة منذ بدايتها للوقوف على حقيقة نظام أراد أن يطمس القضية وهوية الشعب الصحراوي ولكنه في النهاية سيخسر الرهان تماما كما خسرته كل الأنظمة التي راهنت على أحصنة خاسرة لكتم أصوات شعوب بأكملها رغم علمهم أن إرادة الشعوب لا تقهر. ويبدو أن النظام المغربي لم يفهم دروس التاريخ أو انه لا يريد ذلك مع أن الصيرورة التاريخية زاحفة ولا أحد بإمكانه وقفها تماما كما هو حال رغبة الصحراويين وإرادتهم الملحة في تحقيق الاستقلال.