يتساءل الكاتب المصري عبد الحفيظ الصاوي في إحدى مقالاته تحت عنوان: ”التوظيف السياسي للإنفاق العربي” بقوله: ”لماذا لا يترجم المال العربي الكبير إلى مواقف تنعكس على الأداء السياسي العربي الذي يعاني الوهن في العديد من القضايا العربية والإقليمية؟”. وعند إجابته على هذا السؤال يوضح بأن المساعدات العربية التي كانت تقدم إلى الدول الفقيرة في كل من آسيا وإفريقيا خلال فترة التسعينات من القرن الماضي لها انعكاساتها السياسية الإيجابية الملموسة في المحافل الدولية، إذ كانت الدول المتلقية لهذه المساعدات مؤيدة للحق العربي في قضيته الأشهر، بالمنطقة، بل وفي العالم، ألا وهي القضية الفلسطينية”. نستنتج مما تقدم أن المال العربي كان يستخدم لصالح القضايا التي تشغل بال العرب وعلى رأسها القضية الفلسطينية. أما اليوم وبعد الانتكاسات التي ألمت بالعرب، منذ أن تفكك الاتحاد السوفياتي، ودخل العالم نظام القطب الواحد أصبح المال العربي وبالا على العرب، فاحتلت شعوب وسقطت أنظمة وقسمت بلاد وأخرى في طريق التقسيم ومشروع سايكس بيكو الثاني يتقدم بخطوات سريعة لإسقاط أسوار دمشق، وعندها ستسقط كل الأسوار، وستتوسع مقاعد الجامعة العربية وراياتها، وستتغير الخريطة ويسهل على الغرب السيطرة، وتسيير الثروات العربية ليس من خلال بنوكه، بل على الأرض مباشرة. لكن الحرائر العربيات اللائي أنجبن الملك فيصل وجمال عبد الناصر وهواري بومدين وغيرهم لم يصبن بالعقم وأن الشعوب العربية التي كسرت قيود الاحتلال لا أظن أنها ترضى مرة أخرى بذل ومهانة الاستعمار.