نظم المجلس الأعلى للغة العربية، أول أمس، محاضرة بعنوان “اللغة العربية في شبكة الانترنت”، قدمها المهندس يونس قرار، ركز فيها على حضور لغة الضاد في الشبكة العنكبوتية، والذي وصفه بالمحتشم، لكنه سائر بثبات لغرض نفسه. افتتح هذا اللقاء الذي احتضنه فندق “الأروية الذهبية” الأستاذ عز الدين ميهوبي رئيس المجلس الأعلى للغة العربية، حيث أشار في كلمته الترحيبية إلى أن المحاضرة برمجت ضمن الإحتفالات بيوم العلم، إضافة إلى تماشيها مع الهاجس الذي نعيشه جميعا تجاه واقع اللغة العربية. يؤكد المتحدث أن الوضع ليس مريحا للعربية في هذه التكنولوجيا، فهي تمثل 3 بالمائة فقط كإسهام للعرب جميعا على الإنترنت، وهي نسبة ضعيفة جدا لا تعكس قدرة الأمة في إنتاج المعرفة، علما أن أكثرية الحضور تمثله الأردن، ثم مصر، ثم باقي الدول العربية. يقول الأستاذ ميهوبي؛ قمت ببحث عن واقع استعمال العربية في الإنترنت (في كل المجالات)، فوجدتها تستعمل بنسبة 0.04 بالمائة، وهو أمر لا يتماشى ومعجم ورصيد هذه اللغة، ورغم هذا الوضع المخيف، يمكن للعربية أن توجد لنفسها الحضور الكبير والكيان المستقل لأنها قابلة للتطور”، وأضاف أن العربية تمتلك 12 مليون لفظ، بينما اللغات المتطورة اليوم تملك أقل من مليون كلمة”. أما الأستاذ حسن بهلول، مدير الدراسات بالمجلس الأعلى للغة العربية، فتناول من جهته أهمية الإنترنت ومدى علاقتها التصاعدية باللغة العربية. ليقدم بعد ذلك المحاضر قرار يونس لمحة تاريخية عن التطور التكنولوجي للانترنت، وكيف شكل ثورة في علم المعلوماتية، فحتى العلماء أنفسهم لم يكونوا يتصورون كل هذا التطور الذي يحدث كل يوم، والذي يقدم خدمات قد تبدو ضربا من الخيال. من بين خدمات الإنترنت التفاعلية والفورية، واختصار المسافات والتنوع وغزارة المعلومات وسرعة التواصل والإثراء بالمشاركة، وحرية النشر والتعبير. وتوقف المحاضر عند وضعية استعمال هذه التقنية حاليا، مشيرا إلى أنها تتطور في الجزائر، ومما ساعد في انتشارها انخفاض تكاليفها، فبعد ما كان الاشتراك الشهري عشرة ملايين سنتيم شهريا، انخفض إلى مستويات زهيدة نوعا ما. عبر المحاضر عن دهشته لتطور هذا العالم السحري، حيث قال؛ “كنت أنا وبعض زملائي أول من صممنا الحاسوب الجزائري في الثمانينيات، لكن التصميم يعرف تسارعا مذهلا في عالم اليوم، يدهش حتى العلماء..”. بالمناسبة، قدم المحاضر نموذجا عن آلة حاسوب بحجم علبة شوكولاطة، يوضع في الجيب الداخلي للسترة، وهو آخر ابتكارات الكوريين، تسطيع من خلاله مشاهدة فيلم أو مشهد فيديو، وإذا ما أدرت وجهك عنه، يتوقف عن البث حتى تنتبه مرة أخرى، وأكد أن الحاسوب أصبح مع الإنترنت جزءا من الحياة الشخصية للانسان، تطلب خدماته في كل المجالات، حتى في سلك الطرقات والشوارع، وتعددت خدمات الإنترنت، حيث سمحت بتصميم مواقع شخصية، والحصول على الترجمة الفورية، وعرض خدمات ومعارف في حالة البحث، وحتى تنظيمها في حالة الفوضى (نتيجة ملايين المعلومات) والتيهان، مشيرا إلى أن مشتركي الإنترنت عبر العالم، اليوم، يعدون بمليار و200 مليون، وفي الجزائر حوالي 5.4 مليون مشترك. إن التطور التكنولوجي للأجهزة (الحاسوب) - حسب المحاضر- سمح أيضا بسرعة معالجة المعلومات وتخزينها وتنوعها من الحاسوب المكتبي والحاسوب المحمول، إلى اللوحات والهواتف الذكية، مؤكدا أن شبكة معلوماتية ضخمة تربط بين مئات الملايين من الأجهزة المعلوماتية وملايير المستعملين، وتوفر ثروة غنية من المعلومات والمعارف بصورها المختلفة، إضافة إلى سعة ربط واتصال الأجهزة المعلوماتية بالشبكة العنكبوتية، في ظل هذه التطورات، يبقى العرب على الهامش، كما - يؤكد المحاضر، - فحسب إحصائيات 2011، هناك 360 مليون مشترك بالعربية، مما يمثل نسبة 7.3 بالمائة من مستعملي الإنترنت، علما أن أغلبية المشتركين من عرب الشرق الأوسط، حيث يمثلون نسبة 90 مليون بمعدل 8.3 سنة 2011، كان العرب في المرتبة السابعة عالميا من حيث الاستخدام للعربية، لكنهم في طريق النمو، حيث توقع أن يصلوا إلى المرتبة الرابعة لغويا في 2015، لكنهم وصلوا إلى المرتبة 5 سنة 2012، علما أن العربية تعد من 6500 لغة عالمية (على الإنترنت).