أكد رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، أمس، العناية الخاصة التي توليها الجزائر لترقية الشغل في أوساط الشباب، لا سيما من خلال إصلاح منظومة التعليم والتكوين ومتطلبات سوق العمل وتشجيع الشباب على المبادرة المقاولاتية وتحفيز الاستثمار المولد لمناصب الشغل والثروة، مشيرا إلى أن البرامج التنموية الكبرى التي تم تنفيذها منذ بداية الألفية أحدثت طفرة تنموية مستدامة ومكنت من تراجع مستوى البطالة. وأشار الرئيس في رسالته الموجهة لمؤتمر العمل العربي، قرأها نيابة عنه المستشار برئاسة الجمهورية، السيد محمد علي بوغازي، في افتتاح أشغال المؤتمر التي أشرف عليها الوزير الأول عبد المالك سلال بفندق الأوراسي بالجزائر، إلى أن هذه العناية التي توليها الجزائر على الدوام لترقية تشغيل الشباب، يعكسها الحرص على مواءمة مخرجات التكوين والتعليم مع متطلبات سوق العمل، وتشجيع فئة الشباب على إنشاء المؤسسات وتحفيز الاستثمار في قطاعات الصناعة والفلاحة والخدمات، مذكرا بأن هذه التدابير تمت مراعاتها كلها في إطار مخطط شامل لإنعاش الاقتصاد الوطني وترقية التشغيل ومحاربة البطالة، والذي سمح تطبيقه بتحقيق طفرة نوعية في مجال التنمية وتراجع البطالة بنسب معتبرة، طبقا للإحصائيات والمؤشرات الصادرة عن المنظمة الدولية ذات الصلة. كما أبرز السيد بوتفليقة الاهتمام الخاص الذي توليه الجزائر لمجال الحماية الاجتماعية، والتي شملت ترقية المنظومة الوطنية للضمان الاجتماعي، من خلال إصلاح نظام تمويلها وتحديثها، بشكل يسمح لها بتغطية كافة فروع الحماية الاجتماعية المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية، معتبرا في المقابل، بأنّ مناقشة مسألة التشغيل بمفهوم توفير العمل اللائق الذي يتيح لصاحبه الدخل والحماية الاجتماعية، لا يمكن أن تتم بمعزل عن إشكالية محاربة الفقر، التي تشكل إحدى أهم الإشكاليات المطروحة أمام المنظومة الدولية في الوقت الراهن، وحددت لها منظمة الأممالمتحدة هدفا محددا يتمثل في تقليص معدل الفقر إلى النصف قبل سنة 2015. وفي حين اعتبر الدورة الأربعين لمؤتمر العمل العربي، سانحة لتنسيق المواقف العربية إزاء ما أفرزته الأزمة الاقتصادية الدولية من آثار وتداعيات، أكد رئيس الجمهورية بأنّ منظمة العمل العربية التي تعتبر شريكا في تحقيق أهداف الألفية المسطرة من قبل الأممالمتحدة، داعيا إياها إلى تقديم إسهاماتها، انطلاقا من الواقع العربي وحسن تحديد حاجات الأجيال الحالية والقادمة وترتيب أولوياتها والمرافعة عنها خلال المفاوضات التي ستنطلق قريبا حول الأهداف الإنمائية للأمم المتحدة لما بعد 2015. وبعد أن ذكر بأن اللقاء ينعقد في ظل ظروف دولية صعبة يميزها استمرار الأزمة الاقتصادية العالمية، وصف الرئيس بوتفليقة مؤتمر الجزائر بالحلقة الهامة في مسار العمل العربي المشترك ومحطة متميزة في محطات الحوار والتشاور، وذلك لضمها كافة أطراف الإنتاج في الوطن العربي، مشيرا إلى أن هذا الفضاء يتيح أفضل السبل الكفيلة بترقية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلدان العربية، انطلاقا من واقع الأمة العربية واعتمادا على إمكانياتها الذاتية في تطوير المعرفة والتحكم في التكنولوجيا وتوظيفها في سبيل بناء اقتصاد عربي قادر على المنافسة ومواجهة الأزمة الاقتصادية. وشدد في سياق متصل، على أن التحديات العاتية التي تواجهها المجموعة الدولية جراء إشكاليات عديدة، على رأسها الطاقة والبيئة والتغيرات المناخية ومعضلة الاكتفاء الغذائي إلى جانب آفة الإرهاب الدولي والمتاجرة بالمخدرات، تتطلب مساعي إقليمية ودولية لمواجهتها، بما يحقق الاستقرار الاجتماعي والسلم والأمن الدوليين. مقدرا بأن العالم العربي من جهته يحوز ما يكفي من إمكانيات تؤهله للإضطلاع بدور أكثر تأثيرا في العلاقات الدولية. ودعا بالمناسبة، الدول العربية إلى رص صفوفها لمواجهات التحديات العالمية القائمة، معتبرا بأن هذه الحاجة لا تمليها الروابط والقواسم المشتركة لهذه الدول فحسب، وإنما هي ضرورة ملحة، تجد معناها ومغزاها في مفهوم التكتل الذي يعد إحدى الوسائل التي تتيح التخفيف من تداعيات الأزمة ووطأتها على البلدان العربية. وأبرز الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، الدور الهام المنوط بمؤتمر العمل العربي في عملية بناء الصرح العربي المنشود، مؤكدا بأن هذا الفضاء الذي يتناول القضايا الكبرى ذات الصلة بمسائل التنمية الاقتصادية والاجتماعية في العالم العربي، يمثل الإطار الأمثل لتعميق التفكير حول مسألة بناء محيط يحفز للتكامل الاقتصادي بين البلدان العربية، ويمكنها من التضامن والتكاثف لمواجهة التحديات التنمية، ولا سيما منها تلك المتعلقة بالقضاء على الفقر وامتصاص البطالة.